Quantcast
Channel: الرواية نت
Viewing all 1074 articles
Browse latest View live

عمار باطويل.. والزيارات السردية للماضي

$
0
0

يزور السارد الماضي ليس لغرض التاريخ وسرد أحداثه الكبرى والصغرى، بل لغرض تصوير حيوات البشر وانفعالاتهم وعواطفهم والتركيز على القضايا التي يهملها التاريخ ويتلقفها السارد. وهذه القضايا هي مآسي البشر وتطلعاتهم وأحلامهم وما يمور بداخلهم من كراهية وحب تجاه بعضهم البعض وتصوير ما يكشف حياتهم من معاناة وصراع من أجل حياة تليق بإنسانيتهم وكرامتهم. وزيارات عمار السردية تنوعت في الزمن، فمرة تذهب إلى الماضي البعيد نسبياً، كما هو الحال في الرواية الموسومة بــ(سالمين) ومرة تذهب إلى الماضي القريب جداً الذي مازالت آثاره طازجة وعالقة في ذاكرة الأحياء، مثلما هو الحال في رواية (عقرون94)، ولم يقتصر التنوع على الذهاب بعيداً أو قريباً إلى الماضي بل وعلى مستوى الفضاء المكاني، والشخصيات التي تحركت في هذه الفضاءات، وعمار حين مضى في زيارته السردية الأولى مال هواه إلى فضاء دوعن وتحركت شخصياته المؤثرة في إيقاع الأحداث في هذا الفضاء، وهذه الشخصيات بالتحديد هي شخصية العبد ( سالمين)، ومالكه وسيده (حمد) وشكل المكان شوكة وأخزة في ذاكرة (سالمين) لأنه شهد بيعه في (بضه) وهي بلدة من بلدات دوعن، كانت ولا تزال تشهد سوقاً أسبوعياً يرتاده الناس، لشراء ما يحتاجونه من سلع غذائية وأغنام وسلاح وغيرها من الأشياء المطلوبة.

إن هذه السردية التي ارتضت بأن يكون عنوانها (سالمين) وهو اسم الشخصية الرئيسة في الرواية وجدت أن منطق الأحداث يتطلب تغيير الفضاء المكاني الذي يتحرك فيه (سالمين ) و(حمد) فدفعت بهما إلى المهجر (جده) وسوغت سبب الهجرة بتلك الأسباب التقليدية المتمثلة بشظف العيش، وضراوة الحياة. وفي الفضاء الجديد تغير مصير حمد وسالمين ومضت الأمور لصالحهما، وتحررا من الفقر وتنعما برغد العيش، وأضاف (سالمين) إلى هذا التحرر من الفقر، التحرر من عبودية (حمد) إذ تصرف معه سيده تصرفاً نبيلاً، وأعتقه من العبودية وعلى الرغم من تحرر(سالمين) إلا أن البشر ظلوا يعايرونه بلون بشرته السوداء ولم تسعفه ثروتُه من الشعور بالاضطهاد والإحساس بالعبودية في داخله، وحاول أن يعوض هذا الإحساس بالدونية بالزواج من النساء اللاتي اختصن بالبشرة البيضاء إلا أن ذلك لم يكن كافياً لخلاصه من الإحساس، بالعبودية النفسية التي ظل أُسيراً لها إلى النهاية. إن أغلب أحداث الرواية تدور في جده لكن القارئ لا يجد تأثيراً عميقاً للبيئة الجديدة، بل كل ما يجده هو تدوير لحياة الحضارمة فيما بينهم البين وفي هذه الحياة يعملون على ممارسة التعالي والأحقاد. في هذه الأجواء نجد شخصية تتفاخر بجنسيتها وتنكر أصلها الحضرمي بل تستخف بتلك البقعة التي تسمى حضرموت وهذه الشخصية هي شخصية (حسن) ودفع الغرور بهذه الشخصية إلى أن تدعي كُتابة الشعر وهي أبعد ما تكون عن الشعر وكشفت الأيام زيفها وتبين أنها تشتري القصائد من الشعراء وتنسبها إلى نفسها. أما الشخصيات المحسوبة على الجنس الناعم فحضورها باهت وعابر، وتمثل هذا الحضور في شخصية (سوسن) التي ضاقت بها حياة العزوبية والترمل بعد موت زوجها فسولت لها نفسها بالخطيئة، ثم يواجه القارئ شخصية خديجة وهي شخصية ضعيفة ومغلوب على أمرها وهي محاطة باضطهاد التمييز وتشعر بالغربة في وطن أبيها، ولم تسلم من أذى بنات القرية فهن يعايرنها بلقب (الجاوية)، لأنها تتعثر في نطق اللغة العربية. فهي تنطق حرف (الحاء) (هاء) فعندما تنطق (كيف حالك) تقول كيف (هالك) فينكر عليها أخوها هذا الأمر فيقول: ((لك الهلاك)) أما الشخصيات الأخرى فكانت عابرة مثل مبروك وسالمون أبن سالمين ومحمد سالم. وكل هذه الشخصيات لم يكن لها تأثير على مستوى الأحداث، ولم تتميز بخاصيات معينة وربما جاءت بوصفها عنصر من عناصر التأثيث العام للرواية.

أما الزيارة السردية الثانية فقد توجهت إلى الماضي القريب جداً. إذ سردت واقع المتغيرات العصيبة التي حدثت بعد حرب (94) ومدى تأثيراتها على وادي (عقرون) بوصفها منطقة بعيدة عن مجرى الحرب التي أعلنتها الشرعية المتعصبة لوحدة الفساد والإفساد ضد دعاة الانفصال في الجنوب الذين سُلبت حقوقهم باسم الوحدة المزعومة.

إن هذه السردية التي تصاعد من تنورها دخان الاختلافات الأيديولوجية والسياسية يجد القارئ نفسه إزاء شخصيات تختلف تماماً عن شخصيات رواية (سالمين) ليس على مستوى الكم، بل وعلى مستوى الكيف. إذ نجد شخصيات تمتلك وعياً سياسياً مناهضاً لما يسمى (الشرعية) من هذه الشخصيات (عيدروس) الذي وعى زيف الشرعية ومزاعمها الكاذبة عن الديمقراطية وخلاص الشعب من ويلات الحزب الاشتراكي اليمني ودك تطرفه اليساري الذي أضاع الدين وضيق على رجاله.

إن (عيدروس) على موقعه الأدنى من السلم الاجتماعي إلا أنه تزوج من الآخر غير العربي (تزوج امرأة روسية) أن الشرعية التي أتت ما بعد (94) ورفعت شعارها المتطرف الوحدة اليمنية أو الموت كانت تعمل ضد العدالة الاجتماعية وتستهتر بحقوق المواطنة. بل وتتجاوز منطق الشرعية الإنسانية، وتتهم أهل وادي (عقرون) بتهم مقيته مثل الصوملة وخيانة الوطن والشيوعية، وغيرها من التهم الجاهزة للقضاء على خصومها في السياسة ولم تجد هذه الشخصية وسيلة مدنية وثقافية لمواجهة توحش الشرعية سوى الصحافة. ومن الشخصيات اللافتة في الرواية شخصية (كاسترو) وهو يمثل علامة دالة على تأثير التربية الحزبية التي جعلت البسطاء يحلمون بالمساواة والعدالة الاجتماعية وتحت تأثير هذا التطلع غير ( الصبي الوضيع) اسمه إلى كاسترو بوصفه رمزاً من رموز الاشتراكية، فضلا عن شخصية (عقرون) التي اختارتها السردية عنواناً لها وكأنها بهذا الاختيار تريد أن تحتفي وتتباهى بهذا الاسم المتأصل في التاريخ أمام تلك التشنجات الصادرة من الشرعية، والتي ترمي إلى التشكيك في الهوية الوطنية لأبناء هذا الوادي. ومثلت شخصية (عقرون) نموذجا لذلك الإنسان البسيط الذي يحرص على البقاء في الأرض والتشبث بها ليس من خلال حرثها فقط، بل التغني بها. وهناك شخصيات أخرى نالت منها الشرعية المزيفة ودفعت بها إلى جحيم الفقر مثل (عفيف) الذي يدل اسمها على عفتها ونزاهتها تردت حياتها وتجرعت مرارة الواقع، وشاهدت تحول أسواق بيع الخضرة إلى أسواق لبيع السلاح فعافت نفسها البيع في هذا السوق واعتزلت العمل إلى أن ماتت معنوياً. وهناك شخصية (عائض) الذي تولع قلبه بالزعيم (سالمين) لأنه مثّل رمزاً للبساطة والبسطاء. ويشعر (عائض) وأمثاله من الفقراء أن المسافة بينهم وبين سالمين قريبة جداً، وحين يذهبون إلى مقارنة الزعيم (سالمين) بشرعية (صالح) يدركون أن المسافة بينهم وبين الشرعية بعيدة، ومن المستحيل الالتقاء، لأنها تريد من الجميع أن يتحولوا إلى خدم لها. ومن الشخصيات اللافتة شخصية العبد (ظافر) هي الأخرى أرادت أن تعلي من قدرها لذاتها وتقدير الناس لها، فأصرت على تعُلم اللغة الإنجليزية من أجل تحسين هويتها بهذا البعد الثقافي في التميز، لتتمكن من الاندماج في المجتمع الذي تسكن التراتبية في أعماقه.

والسردية تلونت بشخصيات من النساء والرجال الذين يعشقون الرقص ويتميزون بتأديته ببراعة مثل المشترحه (أم عقرون). وهي امرأة بارعه في الرقص ولا ترضى أن تحيا إلا بالرقص بوصفه صورة رائعة من صور المعرفة المرحة للجسد على الرغم أن مجتمع الشرعية الحمقاء حاولت أن تشكل وعياً بالضد، من هذه المعرفة المرحة- والطريف في عائلة (عقرون) شهرتهم وبراعتهم في الرقص والغناء، وأمهم لم تكن استثناءً. ونجد شخصية (الصقر) كانت تتفجر هي الأخرى بحب الرقص. أما شخصية (عائض) لم تعشق الفن بل مارسته وبثت كل عواطفها وفرحها بوساطة تلك الآلة التي يقال لها (المزمار).

وظافر هو الآخر لا يرغب أن تمضي حياته دون الرقص. ويأتي بعد ذلك أيوب ليكمل صورة الفن والرقص، ويعلن عن شغفه بالرقص ويصبح بالنسبة لهؤلاء طريقة لمواجهة الواقع الذي يزداد تردياً في ظل الشرعية.

وإذ كانت هذه الشخصيات السابقة قد اصطفت جميعها، وعبرت عن كرهها الشديد لشرعية (94) وأشعلت فتيل الخلاف مع هذه الشرعية. إلا أن هناك من مجَّد الشرعية وعدّها نعمة ربانية تستحق الشكر – من هذه الشخصيات شخصية (الكبش) ولعل اسمه يدل على تبعيته، ومعروف عبر التاريخ لعبة سيطرة الخارج على الداخل. إذ أن هذه اللعبة تبدأ من البحث عن عملاء يقدرون الخيانة ويقبضون ثمنها، ومثل (الكبش) هذا النموذج بوصفه رجل الشرعية في الداخل ودفعت به الشرعية إلى أن يتولى منصب المأمورية في الوادي، وألحت على ترشيحه، وهذه الشخصية تدعي قدرة عجيبة على تمييز الحلال من الحرام ولا شغل لها سوى هذا الادّعاء. ومن اللافت أنها لا ترى أي خروج عن الحلال فيما تفعله الشرعية حتى ولو ارتكبت مظالم وانتهاكاً لحقوق الناس وصور الصراع بين الحزب الاشتراكي والشرعية بأنه صراع بين الكفر والإيمان. وليس من علاقة في هذا الصراع بالحقوق السياسية والمظالم الاجتماعية في الجنوب، وعمقت شخصية فرج القواد السياسي صورة العمالة والخيانة في الداخل التي يقودها الخارج. والمفارقة في هذه الشخصية أن خيانتها مزدوجة، فهي داعرة سياسياً وداعرة جسدياً – إذ أمتدت دعارتها إلى درجة الاعتداء على جسد البنات البريئات وعلى الرغم من أن هذه الأفعال تعدُ جرائم وخروجاً صريحاً عن الشرع إلا أن الشرعية تتستر عليه وتحميه. وفي هذا المشهد الداعر تتبدى صورة (مريومه) الحرفوشة التي تبيع جسدها لمن يدفع، وهي بفعلها هذا تعد جزءاً من تدوير الدعارة العامة التي حرصت الشرعية على تفعيلها ( فمريومه) وغيرها من الحرافيش انتشروا في الجنوب بعد الحرب بصورة لافته، والشرعية تستخدمهم أمنياً، وتبتزهم جسدياً وهذه الشريحة مهيأة لأي فعل بحسب الطلب، لأنها تفتقد إلى القيم. ويأتي بعد ذلك القات الذي ألقى بظلاله على السردية، وهو بطل الشرعية السلبي الذي أفسد شباب الوادي مثل أيوب وغيره – فهذا البطل الفتاك ينال من جيوب شخصيات السردية بل ينال أيضاً من أبدانها وضمائرها ويقود ضحاياه إلى طريق الكيف والغواية ويلعن كل من يقف في طريق المزاج والكيف.

أما الزيارة الثالثة، فقد ذهبت أي تلك المرحلة التي سبقت قيام النظام الوطني في الجنوب. أي مرحلة السلطنات والمشيخات وهذه العملية التحديدية ليست هي من حظيت بالعناية السردية في العمل الروائي الثالث الذي سمي بـ (طريق مولى مطر)، بل إن العناية السردية انصبت بدرجة محورية على حياة البدو في الوادي والجول، وكيف واجهوا اعتداءات عسكر السلطان القعيطي وما تركته حرب المدحر عليهم من تأثيرات، ليس ما قبل الحرب فحسب بل وما بعد الحرب .

إن حدث الحرب مضى، ولكن المشكلة هي ما بعد الحرب ومعاناة هذه البلدة الطيب أهلها الذين تناوشتهم قسوة الطبيعة وضراوة وظلم الحرب وهذه ما صورته السردية. إن عماراً يمضي في طريقه السردي الذي اختاره حاملاً في قلبه محبة عميقة لأهله في الجول والوادي، وهي تلك المساحة المحسوبة على الهضبة الجنوبية ومعروف لكل من عاش وزار هذه الهضبة الجنوبية والمناطق المرتبطة بها في الوادي يشهد إن مياه الوادي تأتيه من الأمطار الموسمية، وحينما تتجمع هذه المياه في جسد الهضبة تصب بمياهها على شكل شلالات مائية تخلب الألباب، وتتحول الأرض الغبراء إلى أرض خضراء فاتنة. ولكن عندما تكف المطر عن النزول في الماضي ((كان الكل يمضي إلى مولى مطر ويذبحون الأغنام ويرفعون آياديهم نحو السماء ويدعون… يامولى مطر أسقِ وادينا بالغيث)). إن حياة البدو في هذه المناطق التي يغيب عنها الماء تضيق وتصبح الحياة مهدده، وإزاء هذا التهديد يصبح البدو لا سبيل لهم سوى الله ثم أوليائه الصالحين ، وعبرت (بركة) وهي الشخصية المحورية في الرواية، تقول (( فعندما تضيق بنا الحياة نلجأ إلى الله ومن ثم إلى أوليائه الصالحين )). وفي المتن السردي إشارة أخرى إلى الحياة التي يغلب عليها التنقل الإجباري الذي يفرض عليهم من الجغرافيا الجافة، و(بركة) هي من يقر بمثل هذه الحياة المضطربة والقلقة فتقول (( وجودنا في الوادي لأوقات معروفة نحددها، فيكون بعضها أثناء قطع خريف النخيل من أموالنا في هذا الوادي، وفي بعض الأوقات عندما يجف المرعى في الجول)). إن السارد عماراً على الرغم من أنه اختار الغربة، وربما اختيرت له بسبب من هجرة أهله إلا أن ذاكرته لم تغادر هذه الأمكنة إذا ظلت تشع بالحكايات التي يسمعها من هنا وهناك، فالناس في الهجرة تتدفق ذاكرتهم بالحكايات الحزينة والمثيرة. ويلتقط عمار هذه الحكايات ويعالجها معالجة سردية ويخلصها من عفويتها وسمتها الحكائيه المباشرة. ويضع لها التأثيثات المكانية والزمانية المناسبة لها، وربما يصادف أن الشخوص الذين يلتقي بهم القارئ على أرضية سردية (طريق مولى مطر) أحياء يرزقون وربما فارقوا الحياة الأولى، ولكن مثل هذه الحقائق لا يبالي بها السارد، فروحه الإبداعية تتخطى هذه الثنائية الحتمية التي تنطق بقوانين البيولوجيا. وهي لا تنصت لصوت هذه الحتمية وتعلن تمردها عليها. إذ ثبت الحياة في الأموات وتلح على أن يبقوا أحياءً في عالم الفن ولذا نرى عتبة العنوان، التي تمثلت في الإهداء قد اعلنت عن غرض سردية (طريق مولى مطر) وهو أن تبقى الشخوص خالدة، وبمنطوق السردية ((إلى ضحايا النسيان الذين لم تخلدهم تواريخ الدول ولم تلتفت لهم القوافل العابرة)). ولكن السؤال لماذا تريد هذه السردية أن تخلد هؤلاء الذين طواهم الماضي ولم يتركوا سوى حكاياتهم الباردة، والتي لم يعد لها أثراً ظاهراُ أو خفياً في حياة الناس، ربما يظن القارئ ذلك. لكن الماضي كما يقول الغزالي هو الآن الدائم إذ يبقى ثاوياً في ذاكرة الناس، وعمار أشعل النار في هذه الذاكرة، وأراد لها أن تبقى متقدة، حتى لا ينسى البشر ما حدث في الماضي. إن الطبيعة البشرية قد تحتمل الأذى والهيمنة والاستبداد لكنها لا تستطيع أن تستمر في تحمله، لأنه ينافي طبيعتها التواقة للكرامة والحرية. وهكذا نرى أن السردية صورت روح المقاومة التي تجسدت عند البدو حينما سُلبت حقوقهم وهدد وجودهم ومثل (عبدالله) ابن (بركة) صورة رائعة من صور المقاومة ضد عسكر السلطان ودفع حياته ثمناً للحرية والتمسك بحقوقه، وكانت أمه (بركة) هي من حفزهُ على القتال وأوصته أن يطلق الرصاص في اللحم البشري وأن لا يرضى بغير اللحم بحسب تقاليد القتال القبلية.

إن الرواية الثالثة تميزت بحضور (نساء) قدمن أنفسهن بوصفهن بطلات مثل (بركة) التي تُجيد الطعن بالخنجر (وسعيدة) التي تجيد الرمي بالرصاص وتفتخر بتميزها القتالي ووصل تميزها إلى درجة تدريبها لأفراد قبيلتها على إجادة رمي الرصاص. ثم أن الرواية لم تقتصر على مواجهة عسكر السلطان بل مواجهة مآسي الهجرة واللامبالاة رجال الوادي تجاه زوجاتهم إذا يقضين زوجاتهم بقية عمرهن في الانتظار، وتكون ناقصه إشباع عاطفي وجسدي. هكذا كان مصير (سعيدة)(وبركة) لكن اللافت في شخصية بركة أنها شخصية حية لم تندب حظها، بل أقدمت على الزواج مرة ثانية من (فرج)، تلك الشخصية الأقل منها مرتبة في السلم الاجتماعي وبركة هي الشخصية نفسها التي اختارت طريق المقاومة لتلك الشخصية المكروهه منها ومن كل من يناصرها من أهلها وأهل البلاد، ولم يكن النجدي مدعوماً في الظاهر سوى من (سالم) ابن عمها الذي مثل اليد الطولى (للنجدي). إن النجدي تلك الشخصية المتطلعة للهيمنة والمصره على إبتلاع العباد، وثروات البلاد. حتى (ولي الله ) تريد أن تسخره لصالحها-وقد نجحت في إستدراجه واصطفافه إلى جانبها بالترغيب بالمال، والتهديد بالإغتيال إن (النجدي) أو المدعو (سليمان) مثل (سالم) ومن لف لفهم منظومة من القيم مضادة للقيم التي تحملها (بركة) وأنصارها. بركة التي تريد أن تحافظ على حقوقها، ولعل هذه الحقوق داخل المتن تتجاوز المعني الفريدي وتقترب أكثر إلى منطقة الرمز إلى الوطن وعلى الحفاظ على هويته من أمثال (النجدي) الدخيل المحسوب على الخارج. إن النجدي يعلن عن جشعه ورغبته للهيمنة فيقول( أنا لم آتِ من نجد التي حققت فيها ثروة كبيرة إلا أنني شممت النفط في أراضٍ أجدادي. وحان لي أن أشتري الأراضي من القبائل، وعندما يكتشف النفط في أرضي سيكون لي النصف منه. وخطتي المستقبلية تمديد العلاقات التجارية والسياسية مع أمريكا وبريطانيا. سوف نقلب الحكم على حاكم هذه الأرض. وسوف أسعى أن أكون الحاكم الفعلي لحضرموت). والمثير في شخصية (النجدي) أنها لا تموت على مستوى الرواية التي تفوه بها (الولي) على الرغم أنها قتلت في الواقع، وقتلها كان ملتبساً، وبخاصة أقوال (الولي) ترجح أن من قتلها بركة لأنها أعلنت أكثر من مرة بأنها ستنتقم وتطعنه بخنجرها. أما الحضور الحي (للنجدي) على مستوى الرؤية بحسب منطوق (الولي) هو على النحو الآتي(أحلم بأن النجدي قد بعث من قبره يقود طيارة بريطانيا ويلقي بالقنابل على الناس في هذه البلاد ويحرق النخيل ويقتل الأغنام، ولم تسلم منه قبب الأولياء …وقبة جدي رأيتها تحترق وكأن القيامة قامت… وأصوات الناس في الوادي تصلني في السماء تطلب من (النجدي) الرحمة..الرحمة… وكلما سمع (النجدي) أصوات الناس تطلب منه الرحمة يكيل عليهم بالقنابل. ولكن هذه المرة ليس بطيارة واحدة مثل طيارة بريطانيا بل بطائرات من كل شكل ولون أتى بها النجدي من كل بلاد الفرنج بلا رحمة يقتل الناس). ولعل هذه الرؤية تحفز القارئ على النظر إلى (النجدي) بوصفه شخصية تحتمل الرمزية مثلها مثل شخصية (بركة) وهي تشير إلى تلك اللعبة التي تتكرر في التاريخ، ولكن بأسماء وطرائق أخرى. ونقصد بهذه اللعبة ( لعبة الداخل العميل الذي يرضى بأن يمطيه الخارج) ليقوده كيفما يشاء ويصبح رهيناً لهذا الخارج، وربما هذا الفعل العنيف الذي حدث على مستوى رؤية (الولي) في الحلم يدفع القارئ بأن يستدعي الحاضر-إذ أن الماضي الذي مضى لا يصبح حوادث ميته، بل جمرات تتوقد ويصل وهجها إلى الحاضر. ومن الشخصيات التي يقابلها القارئ في متن الرواية شخصية (سالم) الحاذق في تقصي الأثر وحذاقته وصلت إلى درجة تمييزه أنثى الظباء من ذكرها بوساطة شم البعر وجاء في المتن ((وعندما يعثر على بعرهن –يقصد الراوي بعر الظباء-يشم رائحة البعر. ومن خلال الرائحة يتعرف على جنس الظباء وهذه ميزه…لا يفطنها إلا القليل)). ثم إن سالماً يلقب بالوعل لقدرته على الاختفاء والظهور في الجبال بسبب سرعته. ويجد القارئ فاطمة الطيارة هذه الطفلة التي نجت عندما ضربت الطائرات البريطانية البدو، وكانت أمها رحمة ( ورحمة ماتت عندما ضربت الطيارة البدو). وفاطمة على حياتها البدوية المحيطة بها إلا أنها تطلعت إلى التعليم في بيت (الجاوي) إلا أن جدتها (سلومة) تستهتر بهذا التطلع وتسد الأفق أمامها. ثم نجد شخصية (الولي) وهي شخصية مؤثرة وكانت شاهده لبعض على الحياة في الوادي والجول، بل شاهده على ما فعله (النجدي) من جرائم في أهل الجول والوادي. وهذه الشخصية على الرغم من سلطتها الدينية إلا أنها وقعت في شرك (النجدي) الذي لخص طبيعة أهل الوادي وعلى لسان الولي إذ يقول(الناس في هذا الوادي لا يقدسون إلا ثلاثة أشياء: الدين، والمال، والنسب العريق ولا يوجد نسب أعرق من نسب الصحابة). والولي نفسه يتنازل للنجدي عن أمور كثيرة لكنه لم يتنازل له عن النسب ولم يقر بأنه من (أهل البيت) –اللافت في شخصية (الولي) أنها بعد عجزها عن تقديم المساعدة لأهل الوادي بسبب ضرب الطيران لهم، وبعد أن وقعت في إغواء (النجدي) بدأت تتشكك فيما تؤمن وأخذ ينال منها الإرهاق الجسدي والنفسي فنطقت بالآتي(أين هي جذور سدرة المنتهى التي تصل إلى قبة جدي. أريد أن أمسك بها وأصعد إلى السماء السابعة لملاقاة ربي كي يغفر لي كل أعمالي أو يضعني في قعر جهنم … أصارع آلامي بعد أن برزت حقيقتي أمامي وأمام الناس، ودخل قلوبهم الشك فيّ، وفي أعمالي التي أقوم بها مع الناس…أعمتني أموال النجدي، فالنجدي لم يأتِ من بلد الحرمين لنشر الخير… فقد جاء بشر-(النجدي) خليط من آثام هذا العالم ولذلك تجمعت فيه آثام تلك البلدان)).

إن الولي يقر بأن النجدي أغواه وأنه فقد القدرة على التأثير في أهل الوادي، وأن زمانه الذهبي تراجع وحل محله رموز الشر في عالمه، وأفسد عليه هذا العالم بالإضافة إلى شخصية الولي نجد شخصية (عبدالرحمن) المدرس الذي أتى من جاوه وفتح بيته لتعليم البنات والأولاد في الوادي وهو((يُعّد …أول أستاذ في الوادي يدرس الأولاد والبنات في غرفة واحدة في داره وقد آثار هذا العمل حفيظة بعض الرجال في بداية الأمر وقد منع بعض الآباء بناتهم من الذهاب)). ثم هذا المدرس لم يسلم من تهمة الإرشادية وأتت هذه التهمة على لسان الولي الذي قال((..هذا الأستاذ الذي ذهبت إليه وطلبتِ منه مساعدتك قد جاء من جاوه وهو مدعوم من الإرشاديين للوقوف ضد علماء هذه البلاد وتحريف الحقائق التي لا تروق له)). وأهل الوادي لم يتفاعلوا مع هذا الجاوي الذي بادر بتعليم أولادهم وتداول الأطفال مثال تهكمي عن المعلم يبين مدى الاستهتار من التعليم وأهله إذ يقول هذا المثل(( ألف باء والمعلم فساء في بلاد الماء))وهذا المثل بالضد من بيت شوقي الذي يبجل المعلم. ومن شخصيات الرواية شخصية (فرج) وهو الرجل الذي أرتضته بركة زوجاً لها على مرتبته الدنيا في السلم الاجتماعي، وهي تحرث الأرض وتسقيها من عرقها، وبارعة في إستخراج اللبان، وهناك مشاهد تبين احتفاء الرواية بهذه المادة الطقوسية التي كان لها حضوراً في المعابد القديمة، ولم يقتصر الأمر على التعبد حسب، بل واستخدمت بوصفها مادة جمالية تزين بها النساء أجسادها بوساطة التبخير. فضلاً عن وظيفته التي ترسخت في الوعي الشعبي وهي قدرته على طرد الجن وما ينسب إليها من الأرواح الشريرة، وهي مادة مسعفة للعشاق إذا ما اضرمت نار الشوق في دواخلهم، وأرادوا أن يخمدوها باللقاء. فتكون لهم علامة فاتنة على حضور الطرف الناعم المنتظر بعيداً عن عيون الرقباء. ولكنه يعلن عن حضوره بوساطة رائحة المادة المتعلقة في جسده. والرواية احتفت ليس باللبان، بل وبمكان اللبان والفضاء المكاني في الرواية توزع ما بين (الوادي والجول) وتشكل جماليته وفق إيقاع (الحركة والسكون) ولعل الحياة البدوية المتنقلة هي الحاضنة لهذا المشهد الذي يقوده في الغالب عوامل خارجية تفرضها الطبيعة القاسية التي تفرض حضورها على حياة البدو وتلونها بلون الحركة والسكون، وقد تتحقق الحركة ويتحقق السكون، ولكن السكون لا يدوم وتظل الحركة وهي سيدة المكان..

الرواية نت

The post عمار باطويل.. والزيارات السردية للماضي appeared first on الرواية نت.


أردتُ أن أنتصر للحبّ بالكتابة

$
0
0

ما لم أكن أعرفه عن نفسي في بلدي لبنان كشفته لي الأيام والسنون في بلاد الاغتراب، بعيدا عن الوطن وبعيدا عن المجتمع الذي تربّيت فيه. فالظروف التي أدّت إلى كتابة هذه الرواية، كانت تتعدى مجرد فكرة رجل وامرأة، وتخطت ذلك الى وجع وطن وبتر إنسان من حديقته ومنزله، وتطاحن مشاعر وحرب للبقاء على قيد الحياة والوجود، وأفكار كانت تجول وتصول إلى أن وجدت التربة الخصبة حيث تبصر النور.

إن أحداث الحياة التي عايشتها والتي جعلتني أكتب هذه الرواية ما هي إلا نقطة في بحر، حيث أحتاج إلى مجلد كي أدون كل ما يختلج في روحي وفكري، وكل ما رأيت وعانيت وما “رغبات مهشمة” إلّا نموذج من هذا التهشيم والتهميش.

لقد كشفت لي الغربة ليس فقط نفسي كامرأة، ولكن أزاحت الحجب التي كانت تغلفني، وكسرت القيود التي كنت مكبلة بها دون وعي مني.

بالنسبة للكتابة والشعر والأدب عامّة، والقصة القصيرة والرواية خاصّة، لم تكن هذه هي الاكتشافات الوحيدة التي رفعت الغربة الحجاب عني كامرأة، بل عن الإنسان والإنسانية عامة، الإنسان في بلدي قد هُتك عرض حريته وإنسانيته وهو ما زال في المهد، تشرذم ما بين وطن محتل وآخر موصى عليه، ووطن آخر كان للفساد والمحسوبية الكلمة النهائية به، وحيث تفشى الجهل في عقول الأكثرية نتيجة الخطاب الديني والسياسي والنزاع على السلطات، فأضحى الرجل والمرأة على حد سواء كل منهما يرزح تحت عبء واقع مفروض عليه، وفكر لم يتخطَّ حبل السرة وما دون.

لقد فتحت لي الهجرة نافذة جديدة لأقف على هذه المعاناة، وعن المرأة خاصة، المرأة في الشرق وفي الغرب، وبدأت المقارنة بينهما، حيث رأيت أنّ المرأة الغربية عندها من المساحة ان تعبر عن نفسها وتقول “لا”، دون أن ينهال عليها المجتمع بأبشع التهم والألفاظ النابية، وفي أحيان أخرى نادرة لم أرَ هناك أيّ اختلاف كبير من ناحية الزيجات غير المتكافئة، والحرية التي ينادَى بها من على المنابر.

لقد أوجعني ونكأ جرحي أن أرى المرأة الشرقية حتى في بلاد الحرية تعاني نفس المعاناة، وكانت قد حملت معها قيودها وظلم المجتمع والنظرة غير السوية نحوها إن هي أرادت أن تعيش الحبّ، أو إن هي تجرّأت أن تقول: لا لزيجة نمطية.

لقد شاءت الظروف أن أنتقل إلى أميركا في ذروة انتشار النت، وشبكات التواصل الاجتماعي في أوجها، ومنها الفيس بوك، وفرحت، إذ وجدت لي منفذًا أكتب فيه بعضًا من شذرات أو خواطر، أعبّر فيها عن نفسي، ومن ثم بتشجيع من الأصدقاء كتبت محاولات في الشعر، وكان لي ديوان “حوارات غزلية” مع الصديق الجميل الشاعر معروف عازار، وخلال كتابتنا للديوان رأى الصديق أن أتوجه إلى كتابة القصة، لأني أملك برأيه أسلوب السرد.

لقد كانت اللغة العربية تحدّيًا كبيرًا لي، ولا سيما أنّي تركت ممارسة الكتابة فترة طويلة، وكنت أتداول في حياتي اليومية اللغة الأجنبية، وهنا شعرت أني أفتقر إلى المفردات، وكانت نصيحة الأصدقاء أن أقرأ أكثر، ومع ذلك كنت أخاف اللغة وقواعدها، واحترت عن أيّ موضوع أكتب، وماذا أكتب.؟

كيف لي أن أكتب القصة أو الرواية، ومن أين أبدأ، وما المادة التي سوف أكتب عنها، وفي هذه الأثناء كنت قد تعرف إلى سيدة من خلال مركز التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وكانت تتابعني، وتعجب بكتابتي، وقد نشأت بيني وبينها صداقة متينة، وقد أدّى بها الأمر أن تخبرني قصتها مع حبيب لها عرفته من خلال الفيس بوك، ولم تكتب لهما فرصة اللقاء والتنعم بهذا الحبّ، وذلك لأنها مرتبطة، وقد عرفتني إليه لاحقا، وكنت قد كتبت آنذاك عنهما خاطرة قصيرة من بعد ما استأذنتهما، ومن هنا أتت الفكرة عندما أوجعتني كلماتها ودموعها، وهي في بلاد الحرية، حيث لم تستطع ان تعيش الحبّ الذي كما قالت كان الضوء الوحيد الذي أمدّها بالحياة.

تبدأ روايتي بموعد للقاء بين الحبيبين بعد تعارف طويل تمّ من خلال التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وقد طلبت البطلة اللقاء في ربوع الوطن الذي تركته منذ أمد بعيد، ومن خلال هذه العودة أردت إلقاء الضوء قليلًا على ما أصاب لبنان إبان الحرب، وهو البلد الجميل الذي كان يعتبر سويسرا الشرق.

تمّ اللقاء، وكان أجمل من تصور الاثنين، ولكن كأنّ القدر بخل عليهما مرة أخرى، وعمل على تفريقهما في ظرف غامض عند اختفاء شمس بعد أول ليلة، وهنا تأزمت حالة ريتا ما بين الشك والخوف والخذلان، برغم الحبّ الأكيد الذي رأته وعرفته في شمس، فعادت إلى كندا تجرّ ذيول الخيبة والألم والحيرة والضياع، لا تعرف ما أصابه، وكأنها فقدت جزءًا من حياتها.

لم تعد ريتا كالسابق بعد هذا اللقاء الذي عرفت فيه أنّ اللقاء ما كان إلا ليؤكد أنّ الحبّ هو أولاً لقاء فكريّ وروحيّ، ومن ثمّ يأتي الجسد.

اقتحم المرض حياة ريتا التي لم تكن يومًا تخلو من الوجع، وأضاف لوجعها وجعاً آخر، ومن الوجع خرجت قوة دفعت بريتا أن تقول لا لأول مرة في حياتها، وأن تستقلّ بعيدًا عن بيتها، وتواجه تبعات العلاج وحدها، وكأنما الوجع والحبّ معًا خلقا ريتا جديدة.

لم يهدأ بال شمس الذي نكتشف أن اختفاءه كان غصبا عنه وليس بيده، ولم يترك فرصة تفوته، وعاود الاتصال بريتا التي بدورها أرادت أن تجنبه الوجع، وهي تقول له إنها تسير إلى موت حتميّ، وهو قد خرج للتوّ منه، مفضلة له أن يراها دائما في الصورة التي عرفها بها، ولكنّ الحبّ يصنع المعجزات، وكان الشفاء حليفها.

هذه المرأة التي رأيت فيها وجوه كلّ النساء اللواتي كبّلهن المجتمع العربيّ والتقاليد، الواهنة الواهية التي هشمتها الرغبات، لم تستطع أن تبوح بها.

شدّتني روحيًّا، ووجدتها ليست قضية امرأة فقط بل قضية أمّة مقموعة في وطنها وفي بلاد الغربة. لقد لزمتني الحالة، وكتبت الرواية كردة فعل لتقاليد توارثناها عبر الأجيال، وكانت قيدًا حول عنق المرأة التي هي كتلة أحاسيس، وسجنت في لوحة كأيّ لوحة معلّقة في جدار منزل الرجل الذي لم يعبأ يومًا بأن يسأل هذه المرأة عن مشاعرها.

كنت أبكي حين أعاود قراءة بعض الأجزاء منها، لم يحالف الحظّ صديقتي بلقاء حبيبها، ولكنّي أردت أن أكتب لها نهاية سعيدة حتى لو على الورق، أردت أن أنتصر للحبّ بالكتابة والرواية، ومن هنا كانت روايتي الأولى “رغبات مهشمة”.

إنّه لمن الظلم أن نقمع الحبّ حين يطرق باب القلب، ومن الظلم أن نقمع نفوسنا ونخضع لتقاليد واهية.

كم يحوي مجتمعنا من نوعية هذا الظلم، الزوج الذي يعيش على هواه ولا أحد يحاسبه، ويحقّ له ما لا يحقّ للمرأة.

مجتمع يؤلّه الذكر، ويعيب على المرأة خفقان القلب.

إنّ احتلال القلوب أقوى شراسة من احتلال البلدان، وتحرير مدينة أسهل بكثير من تحرير قلب احتلّه العشق.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* شاعرة وروائية لبنانية

 

الرواية نت – خاصّ

The post أردتُ أن أنتصر للحبّ بالكتابة appeared first on الرواية نت.

“الصبية والليل”للكاتب الفرنسي غيوم ميسو بترجمة عربية

$
0
0

صدرت الترجمة العربية لرواية “الصبية والليل” للكاتب الفرنسي العالمي غيوم ميسو، عن دار هاشيت أنطوان/نوفل والمركز الثقافي العربي. وهي رواية تشويقية بامتياز تقع في 365 صفحة من الحجم المتوسط. وقد ترجمت بدقة عالية ونفس أدبي سلس لا يشعر قارئها بأنها منقولة من الفرنسية بل كأنها مكتوبة في الاصل بالعربية.

تدور أحداث الرواية في حرم جامعي أثناء عاصفة ثلجية، بين عامي 1992 و2017. ما يجمع بين أصدقاء الجامعة هو سر مأسوي، وجريمة مروّعة شاركوا فيها جميعاً، لكنها ستطفو على السطح مجدداً بعد 25 عاماً. ثمة أحداث جانبية أيضاً، هرب الطالبة الألمع فينكا روكويل مع أستاذ مادّة الفلسفة بعد علاقة غرامية سرية.

بطل “الصبية والليل” كاتب روائي ناجح ومعروف جدًا، يعود من الولايات المتحدة حيث يقيم، إلى كوت دازور، التي ترعرع فيها، لحضور حفلة تجمع قدامى الليسيه.

عندما كان شابًا، ارتكب توماس حماقةً كبيرة بمساعدة صديقه ماكسيم، وسيندم على فعلته هذه طيلة سنوات عمره. ولكن ما من شيء ممكن لتغيير مجرى الأمور. لقد فُتح باب الذكريات الأليمة والمخبّأة، والحقيقة المفاجئة على وشك أن ترى النور. ثمة من عَلم بما حصل منذ 25 عاماً ويريد الانتقام. بعض الأشخاص فقدوا حياتهم ويبدو أن توماس بالمرصاد.

عن غيوم ميسو:

يعتبر غيّوم ميسّو (1974) اليوم واحدا من أشهر المؤلفين في فرنسا، وتحتل كتبه قوائم أفضل المبيعات على الإطلاق. دأب ميسّو منذ طفولته على قراءة الكتب والمسرحيات، حتى أصبحت لديه قناعة حقيقية بأنه سوف يكون روائيا يوما ما.

غادر ميسو بلده إلى الولايات المتحدة في سن التاسعة عشر، وأقام في ولاية نيويورك لأشهر مع بعض المغتربين، معتمدًا على بيع الآيس كريم كوسيلة لاكتساب رزقه! عاد إلى وطنه فرنسا وعقله مليء بأفكار عديدة للروايات.

صدرت أولى رواياته في 2001 ولم تحقق النجاح المطلوب، ثم تتابعت أعماله الناجحة بعد ذلك حتى صار من أشهر مؤلفي فرنسا. ترجمت بعض رواياته إلى أكثر من عشرين لغة، ومنها: لأنني أحبك، ووبعد، وسنترال بارك، ونداء الملاك، وغدًا، وأنقذني، وبعد 7 سنوات، وعائد لأبحث عنك، وفتاة من ورق، واللحظة الراهنة، وفتاة بروكلين، وشقّة في باريس..

The post “الصبية والليل” للكاتب الفرنسي غيوم ميسو بترجمة عربية appeared first on الرواية نت.

أعظم عشر روايات خالدة

$
0
0

طلبتْ مجلةٌ أميركية متخصصة من المبدع موم أن يكتب لها عن أعظم عشر روايات خالدة فأنجز كتابًا رائعًا حلَّل فيه رواية الحرب والسلام لتولستوي وَوَصَفها بأنها: (أعظم رواية.. فلم يسبق أن كُتبَتْ رواية تضارعها في الضخامة وتعالج مثل هذه الفترة الحاسمة من فترات التاريخ وتتناول هذه المجموعة الكبيرة من الشخصيات ولقد قيل عنها بحق إنها ملحمة ولا أستطيع أن أجد عملاً روائيًّا آخر يمكن أن نصفه هكذا ونكون محقين في وصفنا)،

أما الرواية الثانية الخالدة في نظر موم فهي رواية (الأب جوريو) لبلزاك وهو يصفه بأنه: (أعظم الروائيين الكبار الذين أثْروا بأعمالهم كنوز العالم الروحية كان بلزاك عبقريا وعلى قدر كبير من الخصوبة أما ميدانه فالحياة بأكملها في عصره أما حدوده فممتدة إلى الآفاق البعيدة وكانت له خبرة واسعة بالناس)

أما الرواية الثالثة الأعظم في نظره فهي رواية (توم جونز) لهنري فيلدنج وينتهي من تحليله لهذه الرواية إلى الاتفاق مع الناقد جورج سانيتسبري الذي كتب يقول: (توم جونز ملحمة حياة.. تُصَوِّر الحياة العادية الصحيحة للإنسان العادي الطبيعي ذلك الإنسان الذي لايخلو من أخطاء وليس كاملاً على أي نحو من الأنحاء لكنه إنسانٌ وواقعيٌّ وبالقدر الذي لم نر له مثيلاً في عالم مشابه إلا عند شكسبير).

أما الرواية الرابعة من بين الروايات العشر الخالدة في نظر موم فهي رواية (الكبرياء والهوى) لجين أوستن.. فهو يرى أن هذه الرواية: (مُحكمة البناء للغاية.. فالحوادث يتبع بعضها بعضًا بطريقة طبيعية كما أن إحساس القارئ بإمكان وقوع هذه الحوادث يظل سليمًا).

أما الرواية الخامسة التي يراها رواية خالدة فهي رواية (الأحمر والأسود) للمبدع الفرنسي ستاندال فهي في نظر موم: (رواية من أروع الروايات التي كُتبتْ والقارئ الذي يطالعها إنما يمر بتجربة فريدة).

أما الرواية السادسة من الروايات العشر الخالدة في نظره فهي رواية (ويذرنج هايتس) لإميلي برونتي وقد وَصَفَ الرواية بأنها: (الكتاب القوي الرهيب.. ليس ويذرنج هايتس بالكتاب الذي يتحدث عنه المرء وإنما هو كتابٌ يقرأه المرء.. يتمتع بشيء قلما استطاع الروائيون أن يقدموه وهو القوة ولا أعرف كتابًا وَصَفَ الألم والنشوة والضراوة واستبداد الحب بمثل الروعة التي وَصَفَ بها ويذربح هايتس هذه الأشياء).

أما الرواية السابعة من الروايات العشر الخالدة في نظره فهي رواية (مدام بوفاري) لجوستاف فلوبير.. فعنه يقول موم: (كان جوستاف فلوبير رجلاً غير عادي ويرى الفرنسيون أنه كان عبقريا.. لقد اصطنع (ابتكر) فولبير الرواية الواقعية الحديثة وتأثر به كلُّ كُتَّاب الرواية منذ ذلك الحين.. فلوبير استطاع بكتابه (مدام بوفاري) أن يهيئ لنفسه مكانًا بين أعظم كُتَّاب الأساليب في فرنسا.. إننا نستطيع أن نتعلم الكثير من فنه سواء في النظرية أو التطبيق ما يفيد أي كاتب في أي بلد.. لقد اعتنق فلوبير حكمة بوفون التي تقول: (إنه لكي يجيد الإنسان الكتابة فعليه أن يجيد الإحساس والتفكير والحديث).

أما الرواية الثامنة من الروايات العشر الخالدة فهي في نظره (ديفيد كوبر فيلد) للمبدع الانكليزي تشالز ديكنز.

أما الرواية التاسعة من الروايات العشر الخالدة كما يراها موم فهي رواية (الأخوة كرامازوف) للمبدع الروسي دستويفسكي.. فموم يرى أن رواية:(الأخوة كرامازوف واحدة من أعظم الروايات التي كُتبتْ على الإطلاق وتقف في مقدمة مجموعة صغيرة ورائعة من الفن الروائي التي تختلف عن غيرها من الروايات رغم عظَمَة تلك الروايات)، ويقول في موضع آخر:(إن عظَمَة الأخوة كرامازوف هي عَظَمة الموضوع)..

أما الرواية العاشرة من الروايات العشر الخالدة فهي في نظره رواية (موبي ديك) للمبدع الأميركي هرمان ملفل…

ويقول موم بأنه كان في البداية قد وضع رواية (البحث عن الزمن الضائع) لمارسيل بروست ضمن القائمة لكنه قد استبعدها لسببين: (فرواية بروست وهي أعظم رواية في القرن العشرين قد بلغت من الطول حدًّا بالغًا وقد يكون من المستحيل اختصارها إلى حجم معقول)، ثم يقول:(لقد حققت هذه الرواية نجاحًا ساحقًا ولكن الوقت لم يحن بعد لتقييم حظها من الخلود).

عن صفحة الكاتب على الفيسبوك

The post أعظم عشر روايات خالدة appeared first on الرواية نت.

رحيل توني موريسون جوهرة الرواية السوداء

$
0
0

برحيل الروائية الأميركية توني موريسون، الحائزة على جائزة نوبل للآداب سنة 1993، تفقد الرواية علما من أعلامها المعاصرين، وهي التي حرصت على الانتصار للقضايا الإنسانية في أعمالها، ولم تهادن في مواقفها تجاه العنصرية، وصدّرت هويّتها كامرأة من أصول أفريقية عانت الظلم والاضطهاد لكنّها لم تلجأ إلى الانتقام، بل سعت إلى فهم الآخر والعمل على تفكيك منظومته القيمية التي تنتقص من المختلفين عنه، من خلال إظهار ثراء التنوّع وجمالياته العابرة للحدود والأعراق.

يتقاطع البحث عن الهوية مع بحث الكاتبة عن الجذور، وتراها تلتقي في مسعاها هذا مع الكثير من الأدباء الآخرين، وبشكل خاص ممّن يعانون نوعا من التهميش والإقصاء في بلدانهم، ويكون بحثهم بمثابة نقطة إثبات على التجذّر في الأرض والاستمرارية بنوع من تأكيد الذات وانتزاع الاعتراف بالأحقّية والكفاءة والتقدير.

تعدّ موريسون من أبرز الكاتبات بين الزنوج في أميركا، وكانت قد عملت مستشارة ومحرّرة في إحدى دور النشر لسنوات، وذلك قبل أن تتفرّغ لعملها الخاصّ، وتحقّق النجاحات في عالم الأدب والخيال بعيدا عن عملها التحريريّ، وإصرارها على البحث عن سبيل لتحقيق حلمها الشخصيّ الذي كان يلحّ عليها بوجوب البحث عنه وتحقيقه.

تناولت توني موريسون؛ في كتابها “صورة الآخر في الخيال الأدبي” جوانب من تأثير محيط الكاتب وتنشئته وتربيته على خياله، وكيف يتمظهر الآخر في كتابته، وكيف يتجسد هو بالنسبة للآخر بعد الكتابة. وتستذكر موريسون لحظة مواجهتها الأولى مع قلق الكتابة، وكيف حدث لها ذلك أثناء حفل موسيقي للويس أرمسترونغ، حين كانت في التاسعة عشرة أو العشرين من عمرها، وتصف كيف طفقت دقات قلبها تتسارع حتى صارت أقوى من الموسيقى، فارتجت ضلوعها وضغطت على رئتيها حتى انحبس عنهما الهواء، كما تقول، وأصابها التفكير في الموت، وسط التشنجات وضربات الأقدام والحشد الهائل بالذعر، ففزعت إلى الشارع مثل شخص أصابه مسّ.

عبّرت صاحبة “فردوس” عن اعتقادها بأن الكتابة والقراءة ليستا ممارستين متميزتين بشكل واضح بالنسبة إلى الكاتب، وأنهما لا تقتضيان اليقظة والاستعداد لاحتواء الجمال غير القابل للتفسير، ولا التعقيد أو الأناقة البسيطة اللذين يتسم بهما خيال الكاتب، والعالم الذي يستدعيه الخيال.

أدانت موريسون الربط بين العبودية والعنصرية والعرق، وذلك في أكثر من عمل لها، من ذلك روايتها “رحمة” التي نالت شهرة واسعة، وتؤكّد موريسون أنّ جميع الحضارات عبر التاريخ؛ اليونانية، الرومانية، الفرعونية وغيرها قامت على استغلال الطاقة العاملة واستعباد العمال، ولكن الشيء اللامعقول الذي حصل في أميركا هو هذا الربط الجائر بين العرق والعبودية. ومن هنا ربّما يكون تصريحها المدوّي واعترافها بأنها لا تكتب انتقاما من العنصرية بل لتغيير اللغة إلى لغة لا تنتقص من الناس، وأنّها لا تحمل سيفا، ولا تبتغي رد المظالم، بل تريد ملء الفراغ بصوت النساء السوداوات، وهو الأجرأ من حيث تعبيرها عن نفسها وتوجه كتابتها، ذلك أنها لم تنسلخ عن جذورها لتراضي قوى مسيطرة، ولم تتخلَّ عن هويتها بحثا عن هوية أخرى.

ابتكرت مبدعة “العين الأكثر زرقة” أسلوبها الفريد والخاص بها، اعتمدت مزج العوالم، وربّما تكون روايتها الشهيرة “جاز” أبلغ تعبير عن تجديدها وتجريبها. ذلك أن أسلوبها يوصف بأنه الأقرب إلى موسيقى الجاز الذائعة الصيت والانتشار، والتي هي ابتكار زنوج أميركا بعد الحرب العالمية الأولى. ومع التحرر الذي اجتاح الفنون والموسيقى نال الأدب حظّه من التحرّر من القيود التي تكبّله. وكتبت موريسون روايتها وكأنها تكتب نغمة جديدة من موسيقى الجاز.

جدير بالذكر أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قام بمنح موريسون وسام الميدالية الرئاسية للحرية.

عن صحيفة العرب اللندنية

The post رحيل توني موريسون جوهرة الرواية السوداء appeared first on الرواية نت.

صدور رواية الحفرة للكاتبة س. تيدور

$
0
0

صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون النسخة العربية من رواية «The Taking of Annie Thorne» وجاءت الرواية تحت عنوان «الحفرة» وهي من تأليف س. تيدور مؤلفة «رجل الطبشور» وترجمة بسام شيحا ومراجعة وتحرير مركز التعريب والبرمجة.
وفي الرواية: ذات ليلة، تختفي آني من سريرها، تجري عمليات بحث واسعة يشترك فيها رجال الشرطة ومتطوعون محليون. وحين يظن الجميع بحدوث الأسوأ، تعود آني مجدداً – بعد ثمان وأربعين ساعة – بيد أن شقيقها، جو، كان يعلم أنها لم تكن هي نفسها. لم تكن آني التي يعرف. رغم أن جو لم يكن يفكر أبداً في العودة إلى قريته المشؤومة الصغيرة، آرنهيل، خصوصاً بعد ما حدث لشقيقته منذ سنوات طويلة، إلا أن إيميلاً غامضاً وغريباً جعله يغيِّر رأيه.
“أعرف ما حدث لشقيقتك. إنه يحدث ثانيةً”.
«الحفرة» رواية غامضة مشوقة تنقل القارئ، بذكاء شديد، بين الماضي والحاضر وتبقيه محتاراً ومحبوس الأنفاس حتى صفحتها الأخيرة، إنها تشي بولادة نجمة جديدة في عالم أدب الرعب والتشويق.

The post صدور رواية الحفرة للكاتبة س. تيدور appeared first on الرواية نت.

«يحبها الرجال وتكرهها النساء» جديد رشا علي الرياشي

$
0
0

«يحبها الرجال وتكرهها النساء» عنوان رواية جاء مؤسساً لبؤرة النص ومُختزلاً له مما يدل على اختيار رشا علي الرياشي له بعناية تامة، ليقوم بوظيفة إغرائية بالمقام الأول إلى جانب الوصف، وليقدح في مخيلة القارئ صورة امرأة جمالها يَفتن النساء قبل الرجال، فما هي قصة تلك المرأة التي يحبها الرجال وتكرهها النساء؟
هي قصة عائشة صاحبة الجبهة المخرومة في طفولتها، والتي منحتها والدتها الحياة، لحظة فارقت الدنيا، وفارقها والدها قبل ولادتها، فعاشت مع جدتها ظناً منها أنها أمها، وفي لحظة تخلي سلَّمت الجدة مصير حفيدتها لامرأتين لا تعرف الرحمة لقلبيهما سبيلاً، وسافرت تلاحق حباً مضى. فعانت عائشة من طفولة بائسة؛ ولأن الصدف في الحياة تكون أحياناً دقيقة في مواعيدها، جاء ذلك الرجل ليقتلعها من الألم طفلةً، فأحبّته طفلة، واقتحمت حياته شابة، وكان ذلك تحدّياً بالنسبة إليها بعد أن شعرت بأنوثتها؛ وهو أن يُحبّها ويتخلى عن زوجته، ونجحت في التحدي، وعندما أصبح أمر الزواج واقعاً أصبحت تخافه وتتمنى إلغاءه، ولكن في اللحظة التي أعلن حبّه لها من على منصة الحب، ولم يكن الرجل الوحيد الذي ستنتهي حياته بلعنة حبها؛ ففي أي بقعة أرض تقف عليها عائشة، لا بد أن تجد عليها رجلاً مهووساً بجمالها، ويقرر الزواج منها سريعاً من دون أن يدري أن قدره حب سيقوده إلى حتفه!
«يحبها الرجال وتكرهها النساء» نص في ماهية الحب، نسجت الروائية رشا علي الرياشي من خيوط الحب ونقيضه حروفه؛ وألبستها لامرأة ثائرة، متمردة، تقاتل من أجل إبراز ذاتها، بشخصيتها أكثر من جمالها. فنقلت بصنيعها المرأة إلى ضفة أخرى، وتركت لها الحرية في التصرّف، فخلقت نوعاً من التناغم بين الدوافع النفسية والمؤثرات الخارجية للشخصية الروائية في انتظار ما تؤول إليه الأحداث… فالأحداث في هذه الرواية لا تمتلك قيمتها في ذاتها، بل عبر الطريقة التي تُقدّم من خلالها، والكيفية التي تتم بها روايتها، وهو ما نجحت به الروائية رشا علي الرياشي، حينما جعلتنا ننتظر النهاية بشوقٍ وترقّب…

The post «يحبها الرجال وتكرهها النساء» جديد رشا علي الرياشي appeared first on الرواية نت.

أدب بوهيميا: التراجيكوميديا في مواجهة الاستبداد

$
0
0

نماذج روائية لكافكا، هرابال، كونديرا وكليما

 

بوهيميا هي تلك المنطقة التاريخية في أوروبا الوسطى، ما صار حاليا جمهورية التشيك في جزء كبير منها. لكن الكثير من التشيكيين ولاسيما المثقفون لا يزالون يفضلون التسمية القديمة لدلالتها التاريخية والشاعرية.

وبالرغم من عراقة هذه الثقافة وادبها، إذ أن أولى المحاولات الرائدة الشعرية والسردية والملاحم الفروسية تعود إلى القرن الحادي عشر بعد الميلاد، إلا أن الازدهار الحقيقي لها كان مع بدايات القرن التاسع عشر خاصة في مجال الشعر، إلى أن وصل إلى ذروة التصاقه وتأثره بالأدب العالمي مع مطلع القرن العشرين. لكنه خلال هذا القرن كذلك عانى وخسر الكثير خاصة في فترة بين الحربين الكونيتين وما بعدهما، إذ سجن وقٌتل وهُجّر عدد لا يحصى من المبدعين في تلك الفترة العصيبة من تاريخ بوهيميا، والتي ما كانت لتصمد أمام حقبة الجنون الإنساني تلك لولا صمود ورباطة جأش ثلة من المثقفين قاوموا كل الظروف المسلطة عليهم من خلال سلاح السخرية والتمرد ضد مساعي طمس الثقافة والهوية الوطنيين، وهم الذين سنحاول تسليط الضوء على نفر منهم في هذا الملف.

 

كافكا: العراب الحزين

 

بالرغم من التاريخ المشرّف للثقافة التشيكية، إلا أن الأدب هناك يكاد يصنف اليوم إلى ما قبل كافكا وما بعد كافكا، إذ لا نكاد نعثر على روائي كبير ذي أثر هام في الأدب التشيكي لم يشر من بعيد أو قريب إلى أعمال فرانز كافكا أو يتأثر بها ضمنيا، فهذا الأخير يعد أيقونة ذات صيت وتأثير لا يختلف فيه اثنان في أوروبا والعالم.

كان كافكا طوال حياته الكاتب المنبوذ الذي عانى الأمرين بين الإحساس بالاغتراب وعدم الانتماء للمجتمع التشيكي الذي يعيش فيه كونه يهودي ويتكلم الألمانية ويكتب بها، وبين سطوة الأب وحرمانه إياه من إتباع الطريق التي يتوق إليها، وذلك بتعلّة الحفاظ على ثروة العائلة، ما دفع بكافكا إلى مغادرة منزل الأب و ممارسة أعمال بعيدة عن شغفه من أجل تسديد نفقاته الخاصة.

هذه اللا انتماء الذي عانى كافكا منه، أو سعى إليه، كان أحد أهم العوامل التي شحذت تجربته الأدبية والحياتية، ذلك بالإضافة إلى فشله الاجتماعي الذريع، إذ لم يكن له تقريبا أي أصدقاء (ما عدا قلة من أمثال الأديب ماكس برود الذي سنتناول علاقته به لاحقا) فضلا عن علاقاته العاطفية المحبطة للسبب ذاته تقريبا في كل مرة: عدم القدرة على الانصهار بالآخر.

يقول عنه إيفان كليما الحائز على جائزة فرانز كافكا الوطنية لسنة 2002:

 كافكا لم يصور أي شيء غير الواقع في حياته نفسها. لقد قدم نفسه حيوانا، أو استلقى في السرير في آلة إعدام متقنة الصنع حتى يعاقب نفسه عن ذنوبه. كان يشعر بالذنب لعدم قدرته على الحب كما أراد أن يحب على الأقل. لم يكن قادرا على القرب من أبيه، ولم يكن قادرا على أن يصل مع امرأة، معا. كان يعرف أنه في توقه إلى الصدق كان يشبه من يطير، وكانت حياته أشبه بطيران تحت سماء لا تنتهي حيث يكون الطائر وحيدا على الدوام، وحيث يتوق عبثا إلى تواصل بشري، وكلما طار أكثر كلما ازداد ثقل الذنوب على روحه.

 

القصر، المحاكمة، الانمساخ، تحريات كلب، بالإضافة إلى الرسائل العاطفية والعائلية، كلها أعمال خالدة لم تر النور إلا بعد وفاة كاتبها، رغم أنه أوصى بإتلاف كل ما خطته يداه وإحراقه، في دليل آخر عن العلّة التي تسكن هذا المبدع والتي تمنع عنه أي علاقة تفاعلية أو تواصلية مع عالم الأشياء والأشخاص.

وكما كانت كتابات كافكا تتسم بالغرابة والكابوسية، كان كذلك طريقها إلى القارئ التشيكي والألماني ثم العالم طريقا محفوفا بالعجائب، إذ أن روائعه كانت محكومة بالضياع والاندثار لولا تضافر مجموعة من الصدف التي مكنتنا من قراءته اليوم، إذ رغم أنه أوصى كما قلنا بإحراق جميع ما كتب بعد موته، إلا أن صديقه المقرب خيّر خيانة وصيّته، وقام بنشر أغلب أعماله، وكًتبَ ينظّر لها ويشرحها ويدافع عنها، هذا الخائن الشهم هو الكاتب ماكس برود.

 

مواجهة الاحتلال الثقافي ومحاولات محو الهويّة

 

في القرن العشرين حيث كان يُنتظر من الأدب التشيكي أن يزدهر ويحقق تراكما كميا ونوعيا، مثلما كان الحال في مختلف بلدان أوروبا، كان قدر بوهيميا أن تخرج بالكاد من تحت وطأة احتلال عسكري وثقافي لتدخل في فترة وجيزة تحت آخر.

كان اجتياح قوات ألمانيا النازية للأراضي التشيكية (تشيكوسلوفاكيا آنذاك) سنة 1942 تحت ذريعة حماية الأقلية الألمانية هناك أحد بوادر اندلاع الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك التاريخ بدأت حكاية معاناة الكتابة والكتّاب في هذا البلد الصغير، إذ كانت الحرب الكونية من الجنون والفتك بحيث أتت على كل مظاهر الحياة وتمظهراتها، وفي مقدمتها الفكر والأدب وكل أنواع المقاومة اللاعنيفة.

هذا التضييق الممنهج على الثقافة والملاحقة والاستهداف الجسدي للأدباء كان سببا في تكوّن قاعدة كبيرة للأدب شعرا و نثرا كان يُكتب و ينشر سرّا في ما عرف بال Samizdat و هي طريقة مبتكرة في النشر تقوم على إعادة طبع الأعمال الممنوعة باليد و تداولها سرّا بين المعارضين والثوريين، وقد لعبت دورا كبيرا في انتشار أعمال هامة لهرابال واوتا بافل Ota Pavel  و جان لوباتكا Jan Lopatka والكثيرين غيرهم.

في خضم مرحلة الاحتلال الألماني يتنزل أحد أهم الأعمال الروائية التي وثقت لجانب من المقاومة الشعبية ضده، وهي رواية “قطارات تحت الحراسة المشددة” لبوهويل هرابل الذي يعتبر أيقونة الصمود والثبات أمام ماكينة الصنصرة للنازيين في مرحلة أولى، ثم في مواجهة الاجتياح الروسي والبروباغاندا الشيوعية فيما بعد.

تحكي الرواية قصة شاب يدعى ميلوش يشغل خطة عامل متدرب في إحدى محطات القطار، في فترة كانت فيها المقاومة المسلحة ضد الألمان في أوجها وكانت القطارات التي تحمل المد اللوجيستي والأسلحة لجنودهم، تتعرض للاستهداف بالتفجير بصفة مستمرة. لكن بالتوازي مع ذلك، كانت هناك معركة أخرى تجري داخل الشاب ميلوش، حيث كان يعاني من مخلفات نفسية لليلة حب فاشلة مع صديقته لم يقدر خلالها على أن يثبت فحولته لها. هكذا تجري الأحداث متسارعة والشاب مقذوف به في أتون هاتين الحربين، حيث تتكاثف الأسئلة في ذهنه عن مصير البلاد والعباد في النفس الوقت الذي تأرّقه فيه مسألة قدرته الجنسية، إلى أن يلتقي الخطان المتوازيان في آخر الرواية حيث تساعده امرأة غريبة على إثبات رجولته لنفسه، قبل أن يصبح مستعدا لإثباتها أمام العالم بأسره، حيث تصله في الأثناء دعوة من المقاومة بأن يساهم في نسف إحدى القطارات، وهو ما يستجيب له من دون أي تردد بعد أن صار أخيرا واثقا من رجولته بما لا يدع مجالا للشك.

من خلال هذا العمل الصغير في حجه، الكبير في قيمته الفنية، استطاع هرابال أن يؤكد أن أدب المقاومة، فضلا عن خيار المواجهة المباشرة مع الغازي والمحتل الذي لا ننكر أهميته كرد فعل في مواجهة اضطهاد الإنسان ومصادرة عقله، ينبغي أوّلا أن يحمل همّا إنسانيا وجوديا ونفسيا. فالفن عموما والأدب بصفة خاصة يفقد حتما صفته ونَفَسه الإبداعي إن هو تحول إلى خطاب سياسي أو ايديولوجي جاف (بروباغندا / بروباغندا مضادّة) وتناسى أو أهمل أو تعالى على الوجع الإنساني الذي هو كُنه الوجود البشري.

بعد انتهاء الحرب كانت تشيكوسلوفاكيا تتنفس الصعداء، ظنّا منها أن غول النازيين كان آخر الأحزان، فعادت الحركة الثقافية تنشط كما كانت في سابق عهدها بل وأفضل، مستفيدة من الإفراج عن تلك الأعمال من المعيار الثقيل التي كتبت ونشرت وانتشرت سرا في حدود ضيقة خلال فترة الاحتلال.

في أغسطس 1968 استيقظ الشعب التشيكي على هدير الدبابات الروسية وما عرف بحلف وارسو وقد اجتاحت البلاد واجهضت ربيع براغ، ومع ذلك الاجتياح العسكري كان المبدعون يشتمّون رائحة سحب يعرفونها جيّدا، هي سحب المصادرة والتضييق مجددا.

من بين الكتاب الذين عانوا التتبع والتجويع في عهد الاتحاد السوفييتي نذكر ميلان كونديرا، الذي تم تسريحه من عمله كمدرّس، وصودرت كتبه من المكتبات برغم أنه كان عضوا في الحزب الشيوعي ومؤمنا بالمشروع الاشتراكي، إلا أن طريقته الجدلية وحس النقد اللاذع الذي تتميز به شخصيته و نقلته إلى ما يكتب أثبتت مع الوقت أن لا مكان له في نظام لا مكان فيه لليونة في التفكير خارج قالب الايدولوجيا المتحجر.

لعل ما حدث مع كونديرا هو ما جسده، أكثر من أي عمل آخر، في روايته “المزحة” التي منعت من النشر في تشيكوسلوفاكيا ولم تر النور إلى فيما بعد حيث تمكن أصدقاء من تهريب المخطوط وايصاله إلى صاحبه الذي سبقه إلى فرنسا هربا من الملاحقة والتجويع الممنهج.

تتمحور الرواية كما يدل عنوانها حول مزحة، تصدر عن بطل الرواية تتطور تدريجيا و بصورة دراماتيكية لتقلب حياته جحيما، والبطل لودفيك هو في الأصل عضو لجنة الطلبة في الحزب الشيوعي) يقع في غرام ماركيتا، وهي فتاة أكثر التزاما و تقيدا بالقيم الاشتراكية التي يبثها الحزب، إلى درجة أنها رغم حبها له تفضل في كل مرة حضور اجتماع شعبي أو الخروج في مخيم أو دورة تدريبية ضمن العمل التطوعي للحزب، على أن تحضا بلقاء حميم معه، إلى أن طفح به الكيل و قرر أن يرسل لها رسالة حيث يقول:

إذا تأملنا كل الأمور جيدا فقد كنت من الصميم موافقا على كل تأكيدات ماركيتا. بل كنت أؤمن مثلها بالثورة في أوروبا الغربية. لم يكن هناك سوى شيء واحد لم أكن أقرّه: أن تشعر بالسرور والسعادة فيما كنت أحن إليها. وعند ذلك اشتريت بطاقة بريدية وكتبت لأجرحها، لأصدمها، لأحيرها: “التفاؤل هوافيون الجنس البشري. الروح المعافاة تفوح بنتن الغباء. عاش *تروتسكي”

(ليون تروتسكي هو المنظر الأول للثورة البلشفية صحبة لينين، والذي استبعده ستالين فور وصوله إلى الحكم ولاحقه بتهمة الخيانة قبل ن يتمكن من تصفيته.)

 

هكذا إذن كان الأدب التشيكو سلوفاكي يقف وقفة تاريخية أمام التضييق المتتالي وقمع السلطة سواء كانت خارجية أو من أولاد البلد، وفي وقفته تلك كان سلاحه الأقوى هو السخرية والكوميديا السوداء التي لا تكاد تخلو منها أغلب الأعمال التي كتبت في مراحل مختلفة من القرن العشرين، إذ قال كونديرا أن “المزحة” هو عنوان صالح لكل رواياتي.

هذا النهج إن كان يعتمد على النكتة والمفارقة الهزلية، إلا أنه لم يكن عابثا و غير مبالٍ، ذلك أن أقوى الأسلحة في مواجهة تحجّر الأيديولوجيات والسلطات الشمولية هي عدم أخذها على محمل الجد،  والسخرية منها واظهار ثغراتها ومواطن ضعفها من خلال النكتة والسخرية،  وهو ما نجح الكثير من الكتاب في تحقيقه و بالتالي إزعاج السلطات التي تحركت لتلاحقهم و تضيق عليهم في بلادهم أو تلفظهم إلى أقاصي الأرض.

 

أدب المهجر: منارة خارجية تنير عتمة الوطن

 

يعد الأدباء التشيك في المهجر من أكثر الكتاب الذين ثبتوا على عهد المقاومة ومواصلة المشوار الثوري الذي بدؤوه في وطنهم وبسببه أطردوا منه، إذ ما إن يفر الواحد منهم إلى الخارج حتى يشرع في عملية تموقع وحشد للقوى استعدادا لتسخير حياته و كل ما يملك من أجل استئناف النضال بالقلم والتعريف بالقضية و مد يد العون إلى الأصوات الحرة التي لا تزال تصارع بالكلمة والفن داخل البلاد.

واذ يجري الحديث عن أدب المهجر التشيكي، عادة ما يتذكر الناس الروائي والناقد ميلان كونديرا الذي هاجر إلى فرنسا واستقر بها منذ 1975 وتفرغ كليا إلى الكتابة حيث استطاع في ظرف وجيز أن يصنع لنفسه جمهورا كبيرا من القراء في أوروبا وامريكا مستفيدا من التعاطف والمساندة الخاصة التي كانت تكنه أوروبا الغربية وامريكا الشمالية لضحايا الاتحاد السوفيتي من الانتلجنتسيا.

لكن العالم كان قد عرف في الحقيقة العديد من الأدباء والمثقفين غيره الذين أعطوا الكثير للأدب المنبوذ لعل أهمهم الشاعر والروائي جوزيف شكورفسكي الذي غادر بوهيميا مباشرة إثر الاجتياح السوفيتي في عام 1968 ليستقر في كندا حيث أسس بعد ثلاث سنوات بمعيّة زوجته 68 Publishers  وهي دار نشر اختار اسمها ليخلد تاريخ الاحتلال وكرسها بالكامل للدعم والتعريف بالكتب التشيكية الممنوعة بلغتها الأصلية كما اهتم بترجمتها للإنجليزية.

من أهم ما صدر عن هذه الدار: رواية شكورفسكي التي تسببت في ملاحقته “جمهورية القحاب”، ثم “موسم التضخّم”،  و”الجبناء” وغيرها من أعماله المثيرة للجدل،  التي يغلب عليها الطابع الكوميدي والاستهزاء بالأنظمة الشمولية و هشاشة إيديولوجياتها.

صدر عنها كذلك أعمال روائية قيّمة لبوهوميل هرابل و كونديرا والمحلل النفسي جان كريشالدو  Jan Křesadlo،  فضلا عن نشر ديوان لياروسلاف سيفريت Jaroslav Seifert التشيكي الوحيد الحائز على جائزة نوبل للآداب.

كما تعاملت الدار بالنشر والتعريف مع الأديب فاكلاف هافل  Václav Havel الذي قام لاحقا بتكريم الدار والزوجين المؤسسين لها بمنحهما وسام الأسد الأبيض و هواعلى أوسمة الدولة، وذلك إثر صعوده إلى الحكم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.

 

لعنة مشتركة: القراءات الخاطئة و سوء الفهم

 

رغم النجاحات الكبيرة التي حققها الأدب التشيكي خلال القرن العشرين وامتدت سمعته إلى ما بعده، مع زمرة من الكتاب الذين استلموا المشعل عن الأجيال الذهبية، إلا أن معضلة القراءات الخاطئة ظلت تطارد معظم الأيقونات الأدبية التي أتينا على ذكرها وغيرها. واذ كان لا بد للفنون كونها ليست علما صحيحا أن تُقرأ وتؤوّل بطرق مختلفة وان ينظر إليها من زوايا مختلفة، إلا أن كثرة هذه الاختلافات بالإضافة إلى شقاء كتاب كثر وسعيهم المضني من أجل توضيح مقاصدهم والتبرؤ من القراءات الخاطئة السائدة لأعمالهم يجعلنا نتساءل جديا عن أسباب هذه الظاهرة.

و لعل عرّاب الأدباء التشيكيين فرانز كافكا كان و لا يزال صاحب النصيب الأوفر من التأويلات المتباينة لأدبه الكابوسي الغامض الذي يصعب فهمه، حيث أن صديقه الوحيد “ماكس برود” الذي قام بنشر أعماله بعد وفاته، كان من أكثر من أساء فهمه، إذ أمضي برود حياته مدافعا عن فكرة أن كافكا كان معلّما روحيا وان أعماله السردية والرسائل التي كتبها هي بمثابة ثورة اصلاحية و دعوة ايتيقيّة وايمانيّة.

يقول كونديرا في حوار له مع مجلة “باريس ريفيو” :

 إن الناس لا يعرفون كيف يقرؤون كافكا لأنهم ببساطة يريدون فك شفراته. وبدلا من أن يتركوا أنفسهم لخياله منقطع النظير فيحملهم في طريقه، تجدهم يبحثون عن استعارات فلا يخرجون بأكثر من أكليشيهات: الحياة عبث (أو الحياة ليست عبثا)، لا يمكن الوصول إلى الرب (أو يمكن الوصول إليه) إلى آخر ذلك. ولا يمكن لأحد أن يفهم شيئا عن الفن، خاصة الفن الحديث، ما لم يفهم أن الخيال قيمة في ذاته.

ومن المفارقات أيضا بالنسبة لكتابات كافكا، أن سلطة المصادرة نفسها كانت متذبذبة في موقفها منها، فإذا كان هتلر قد أمر بحرقها، ومن ثم قام الاتحاد السوفييتي بمنع انتشارها بتعلة أنها تحمل أفكارا هدّامة، فقد عاد السوفييت ليرفعوا أيديهم عنها فيما بعد مقرّين بعمقها و بقيمتها الفنية.

كونديرا نفسه كان صرح كذلك أن أعماله إنما تُظلم وتفقد الكثير من معناها عندما يصنفها القراء والنقاد على أنها روايات سياسية، فالمزحة على سبيل المثال التي يعترف أن شهرتها أتت من كون أحداثها تدور، كما أغلب أعماله اللاحقة، في إطار سياسي واجتماعي معيّن وهو الفترة الاشتراكية، إلا أن تناولها من هذه الزاوية وحدها يهمل أكثر ما عملت عليه الرواية، وهي كشف جانب من الوجود الإنساني لم يتم اكتشافه بعد، وهو ما يعتبره الهدف الأسمى لمشروعه الأدبي.

إنه لشيء بديهي أن تتناول الأعمال الفنية التي تظهر في فترات فارقة من تاريخ الشعوب من منطلق سياسي تأريخي وايديولوجي، إذ يبحث المتابعون دائما عن النتاج الثقافي الذي يصاحب ويتمخّض عن تلك الحروب والصراعات الطاحنة، فتاريخ الفنون ليس معزولا تماما عن تاريخ الإنسانية مهما راقنا أن ندّعي ذلك. فالعقل الذي أنتج العمل الثقافي هو نفسه الذي يستيقظ كل صباح وهو يفكر في كيفية كسب قوته وبقائه على قيد الحياة في تلك الظروف التي أجبر أن يوجد في خضمها، أو اختار ذلك، مثلما قدم عليه العديد من الفنانين والأدباء بالسفر إلى بؤر التوتر أو الانضمام إلى الجيوش في ساحات الوغى ليس بدافع الوطنية بقدر ما هو بحث عن الإلهام وتحريك ركود خيالهم وعقم أرواحهم، ولنا في ذلك أمثلة عديدة أهما ما عرف “بالجيل الضائع” الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى، أبرزهم همنجواي و ت.س إليوت وايريك ماريا ريمارك وغيرهم.

لكن في نظرنا، ما يجعل الأدب التشيكي محكوما دائما بسوء الفهم والتأويل الخاطئ يتعدى كونه تناولا سياسيا بحتا ناتجا عن الأزمات السياسية والاجتماعية التي مرت بها بوهيميا، إلى كونه ناتجا عن طبيعة زئبقية وتركيبة معقدة لمعظم الأعمال الكبيرة التي وصلت للعالم، متمثلة في قدر كبير من النسبية التنسيب في الموضوعات التي يتناوله، بالإضافة إلى قدر كبير من المخاتلة في الأشكال والتقنيات المتبعة في هذه الأعمال.

وحتى نعطي أمثلة أكثر وضوحا عن هذه التركيبات الفريدة، سنتحدث مثلا عما يمكن اعتباره تعمدا لاستخدام المفارقات والثنائيات والمتضادات الجمالية داخل العمل الواحد وهوامر يمكن رصده حتى من خلال هوس كتاب بوهيميا بالعناوين الثنائية المتناقضة:

عزلة صاخبة لبوهوميل هرابل

حب و قمامة إيفن كليما

خفة الكائن التي لا تحتمل لميلان كونديرا

الهمجي الرقيق لهرابل

قد لا تكون هذه سوى عناوين لبعض الكتب تندرج ضمن تقريعة ظهرت في القرن المنصرم حيث لجأ العديد من الكتاب إلى وضع عناوين غامضة ذات مدلولات متناقضة لأعمالهم، لكن من يخوض بجدية واهتمام في أدب بوهيميا، يجد أن هذا التلاعب بثيمات الكتاب هو عنصر متجذر ودعامة هامة للرسالة المعلنة والضمنية للكتاب.

في حب وقمامة مثلا، التي يعترف كل من قرأ الرواية أنها عمل فريد وعميق، يسرد كليما بنسق هادئ ورصين حياة البطل وهو كاتب روائي يعود إلى تشيكيا من الولايات المتحدة حيث يفضل أن يعمل كجامع للقمامة على أن يكون كاتبا نخبويا تهلل له الأوساط الثقافية في المهجر. وتمتزج معاناته اليومية مع قصة حب عنيفة ميئوس منها، وهو الرجل الخمسيني المتزوج، فيقع فريسة معاناة سببها مبادئه الشخصية التي يسميها نزاهة ووفاء لزوجته تارة ويصفها بالجبن الشخصي تارة أخرى. حتى إذ تتراكم عليه الهواجس والمخاوف وتأنيب الضمير، فيختلط عنده واقعه بخياله، وتستحيل القمامة حبا والحب قمامة.

عند ميلان كونديرا تتمظهر هذه الثنائيات والتناقضات بصورة أكثر وضوحا وتقريرية، وذلك بفضل أسلوب الكاتب منقطع النظير في المراوحة بين سرد الأحداث الخيالية وكتابة المقالة الفلسفية والتأملية. ففي “خفة الكائن التي لا تحتمل” مثلا نراه يخصص فصولا هامة من الرواية لشرح مصطلحات وتقديم مقاربات لثيمات تشغل باله و تمثل في ذاتها لب العمل لروائي والأدوات التي تصنع منها الأحداث والأشخاص، مثل الثقل والخفة، الجنون والعقل، الحب والإيروتيكية، الحقيقة والخيال.

 

وكخلاصة، فإن الأدب التشيكي في القرن العشرين يضل علامة فارقة في الأدب الأوروبي بفضل هذا الجيل من الأدباء الذين فرضوا أقلامهم على أنظمة كليانية، بفضل روح السخرية والنقد اللاذع، وتظل إعادة قراءة آثارهم في أيامنا هذه لا غنى عنها خاصة بعد تخلصها من لعنة سياقها السياسي الذي تحدثنا عنه.

أما عن التحدي الذي يفترض نفسه في هذا العصر ما بعد الكولونيالي على الجيل الجديد من الكتاب التشيك، كما غيرهم في سائر الأمم، هو البحث عن العدو الجديد للإنسان وثقافته وعقله، والسير على خطى أسلافهم في نخر هذا العدو من الداخل بأساليب لاعنيفة وفنية بحتة.

ــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب من تونس

الرواية نت

The post أدب بوهيميا: التراجيكوميديا في مواجهة الاستبداد appeared first on الرواية نت.


في مشفى السرد.. شهادة روائية

$
0
0

سأحِدثَكُم عن تلك اللحظة التي انسقتُ فيها الى ما وراء أفقي، الى وُجهةٍ تقعُ ما بين الحقيقةِ والخيال، شيَّدتُ فيها مبنى لجمع كل مجانين رواياتي وقصصي، وأسميته مشفى السرد.

في ردهته الأولى احتفيتُ بمجنون الضياع في حفر الباطن. عانقته بشغف ورحت أردد معه أنشودة قديمة، كَتَبَها ولحَّنها يومٌ لا يشبهه يوم، اسمه عددٌ أصلي فوق السَّبْعة ودون التِّسعة، يخالف المعدود في التذكير والتأنيث إفرادًا وتركيبًا وعطفًا، وجمع معه ثلاثةً من أشباهه، ونبت في ذاكرتنا هكذا: 8/8/88.

 الأنشودة بدأت هكذا: انتهت الحرب. كل شيء بات يثور ويهتز، يخلع رعب ثمانية أعوام من الضياع، ويفلتُ من عفونةِ السواتر. كأن مطاحنَ تلكَ الأعوام قد صَدأت فجأة خلف ذلك السيل العارم من الرصاص ومشاعل التنوير والأهازيج. صخبٌ هادرٌ من صنع قلوبٍ تخلصت من رفقة الموت، وها هي ترى نجاتَها وقد تحولت إلى رصاصة، تحلق فرحةً في الفضاء، هاربة من هويتها، ومن أصابعنا التي لم تعد ترتجف بعد الآن.

بكينا كثيراً في تلك الليلة. كانت الأهازيجُ والأغاني تقذفُ بعيناتٍ من عيونِ آلافِ القتلى التي تناسلت فجأة من النسيان، وراحت تحصي معنا ملايين الاطلاقات المذنبة التي أمست فوق رؤوسنا مثل خيمة من نار، حتى أن رائحة البارود، رائحة أجسادنا، تميزت في تلك الليلة واتحدت مع رائحة البارود المنبعثة من الخنادق الإيرانية، لتصنع أول مصافحة للسلام فوق سواتر الموت. أوه… لقد انتهت الحرب.

* *

في الردهة الثانية استقبلني مجنون الذباب والزمرد، سألته عن حاله فقال بنبرة اعترافٍ يائسة: نحن نعوم في مِنهول مستهلك، نعيش على تلك المساحة المغبرة الضيقة من الزجاج، تلك التي لا تطالها ماسحات زجاج السيارات في تأرجحها المكوكي يميناً وشمالاً. وبينما تتوالى الاهتزازات التاريخية من حولنا، نمضي نحن بخفة نحو ظلمات العصور الوسطى. لكنني أدركت الآن حلول النهار الذي لم أعد أخشاه. النهار الأميبي، العاري، المتجرد، الذي تتكتك عقاربه ساخرة وهي تتزحلق على فوات الأوان، فوات الأوان دائماً تحت سطوة رقيبها المتنبّه. باختصار أصبحت حراً منذ الآن، منذ انسحابي المخزي من حلبة قلب الأشياء، من ذلك الخلو الذليل القابع بين مزدوجين لا يحميانه من أف. سأحتفل بشفائي إذن بعد انتهاء عقوبة المواطنة الصالحة، أو ما أطلق عليهاً أحيانا عقوبة عشق البلاد، بلادي التي أكرمتني القميص!

* *

في ردهة معلقة بلوشي عثرت على مجنون يجلس في زاوية الغرفة، التفت نحوي ببطء، ثم قال بصوت خافت: صرت في ركن أكثر عزلة، تتعرّى فيها، على نحو مذل، جوقة أقداري البائسة، وازداد هواناً وخيبة، أدرك أنني لن أتحرر يوما من تكراري المسيّر، من تابعيتي العرجاء، من أصابع العناية المركزة التي تتحكم بي، لتبقيني دائما على أهبّة الـ “دي”، تلك التي يطلقها الحوذي لحصانه، مرفقة بهز الحبل، وبلسعة السوط القاسية. آه… كم حوذيٌ قادني يا إلهي! ولكن مَنْ سيضبط حركة الزمن في الحروب؟ هذا السؤال أقلقني كثيرا، ربما كان من الصعب عليَّ إطلاق سؤال كهذا أو حتى تصور قبوله. لكن الحرب جعلتني أتعقب مرغما قهقهة الدقائق، وهي تقنص تَشوش ادراكي المستبد. لم أتحرر من أسار ذلك الاشتباك حتى الآن. كنتُ أعاني من غموض مرض السرعة التي يسير بها الزمن، أبحث، حينا في انفلاته، وحينا في تقلصه المر داخل أشواط لعبة الجثث. لا أعرف أيّ الأمرين كان أسوأ؟ لكنني جراء لهفتي واستعجالي في الهرب، واجهت ما هو أشد غموضا وغرابة منهما، اصطدمتُ بنكتة، أطلقها الرعب، وطالبني بمجاملته بضحكة!

* *

أخيراً، وصلتُ الى ردهة ثمانية أعوام في باصورا. نهض مجنون نحيف الجسم، تقدم نحوي وقال: شهور الخوذة والبسطال ما زالت تحتفظ بدهشتها، ما زالت تحوم كطائر شؤم، لتجبرني على الابحار بقوارب حربٍ لا تطالها العافية، ولا يمنحها المجذاف فرصة للعبور. لن تستطيع مياه أنهارك يا وطني غسل خلايا ذاكرتي من بشاعة الحروب، ستبقى تُشوَّه أحلامي، حلما شائخاً بعد آخر، ولا أظنك تكتفي بذلك، هل كُتِبَ عليَّ أن أمارس ميتات ويقظات متناوبة، حتى أبقى عالقا بين الحياة والموت؟ ها أنا أضع كآبتي في أعمق تلك اللحظات أسى، في أشدها عتمة، فبعد الآن، لا يعنيني الدخان، إن جاء من لهاثي، أو من سيكارة، أو من حرائق وطن فخور برائحة شواء لحم مواطنيه. جميعُنا الآن نحترق.

* ألقيت في جلسة احتفاء أقامها لي نادي الكتاب في بغداد عاصمة الابداع الأدبي – اليونسكو مؤخراً

 

* روائي عراقي

The post في مشفى السرد.. شهادة روائية appeared first on الرواية نت.

المورد الثقافي يطلق مشروع “مدوّنات”

$
0
0

تدريب وإنتاج بودكاست عن الفن والثقافة في المنطقة العربية

 

المورد الثقافي، بيروت، لبنان

أطلق “المورد الثقافي” بالشراكة المجلس الثقافي البريطاني، مشروع “مدوّنات” الذي يهدف إلى تشجيع خلق ونشر محتوى صوتي باللغة العربية متاح عبر شبكة الإنترنت، حول الفنون والثقافة في المنطقة. وفتح باب تقديم الطلبات للمساهمة في هذا المشروع حتى 31 آب/أغسطس 2019، الساعة 11:00 ليلًا بتوقيت بيروت، عبر موقع المؤسسةhttps://mawred.org/%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%91%D9%86%D8%A7%D8%AA/

 يحثّ “مدوّنات” المساهمين على التجريب في مجال الإنتاج الصوتي بعيداً من الصيغة الإذاعية التقليدية، واستخدام وسائل مبتكرة لرواية القصص، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الإقليمية والمحلية للمنطقة.

ودعا المورد الثقافي الفاعلين الثقافيين والفنانين من المنطقة العربية للمساهمة في سلسلة مدوّنات صوتيّة (بودكاست) تنشر ضمن موسمين وتبث عبر الإنترنت، تركز على التعريف بقطاع الفنون والثقافة المستقل، وتشجيع مناقشة المسائل النظرية والعملية والتفاعل مع الجهات الفاعلة في المنطقة والجمهور عموماً.

تتناول المساهمات في السلسلة مواضيع وأحداث تهمّ النشاط الثقافي المحلي وتُشرِك المستمعين في مناقشة عابرة للمنطقة، وتهدف إلى تسليط الضوء على الصوت الجماعي الذي تتميز به المنظمات والجمعيات ومجموعات النشطاء والذي يكوّن مساحة خطابية وتقاطعية.

النتائج المتوقعة من المشروع

تتوجه هذه الدعوة المفتوحة إلى الفاعلين الثقافيين والفنانين والكُتّاب ومنتجي المدوّنات الصوتيّة من تخصصات مختلفة، كما تشجّع المبتدئين في مجال البودكاست والراغبين في تطوير مهاراتهم. سيتمّ اختيار 12 مشاركاً من مختلف أنحاء المنطقة العربية للمشاركة في ورشة تدريبية وإنتاج أول موسمين من حلقات البودكاست.

ينضمّ المشاركون في المشروع إلى جلسات تدريب عملي في تصميم الصوت وإنتاج البودكاست، في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، يتعلّمون خلالها إعداد وكتابة وتنفيذ مشاريعهم. كما سيتم الاتفاق خلال الورشة على موضوع للسلسلة بشكل جماعي. بناءً على ذلك، يُنتَظر من كل مشارك أن يطوّر أفكاره الخاصة للسلسلة بما يتوافق مع الموضوع المقترح.

تُنشر حلقات البودكاست على منصات رقمية مختلفة، ضمن موسمين متتاليين، يتألف كلّ منهما من 12 حلقة تمزج بين اللغة العربية الفصحى واللهجات المحلية.

الجدول الزمني

الموعد النهائي لتقديم الطلبات هو 31 آب/أغسطس 2019، الساعة 11:00 ليلًا بتوقيت بيروت. تُعلن النتائج يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2019. تقام الورشة التدريبية في تشرين الثاني/نوفمبر 2019. يُنشَر الموسمين الأول والثاني بالتسلسل في شباط/فبراير 2020 وأيار/مايو 2020.

المواد المطلوبة للتقدّم

    تعريف موجز (50 كلمة)، ذكر دوافع التقدّم والخبرات السابقة في مجال الوسائط الرقمية (200 كلمة)، اقتراح فكرة بودكاست كتابياً (150 كلمة) وعلى شكل مدوّنة صوتيّة (3 دقائق كحد أقصى)، سيرة ذاتية لا تتجاوز صفحتين، عيّنات عن الأعمال السابقة (إن وجد)، صورة شخصية ملوّنة (لاستخدامها في المواد الإعلامية).

من هو المؤهل للتقدّم بطلب المشاركة؟

أن يكون المتقدم من إحدى الدول العربية (من كل الإثنيات ودون استثناء غير المواطنين)، يعيش داخل أو خارج المنطقة العربية.

المشروع مُوجَّه للفنانين من مختلف المشارب الفنية (الفنون البصرية، فنون الأداء، الأدب، الموسيقى، إلخ) والفاعلين الثقافيين الذين يعملون بشكل مستقل أو مع مبادرات أو مؤسسات أو تعاونيات فنية وثقافية. يتوجه المشروع أيضاً إلى من أنتجوا برامج بودكاست سابقاً.

لا تُقبل طلبات سفر ممن تكون أعمارهم أقل من 18 سنة. ولكن يمكن تقديم طلبات نيابة عنهم من آخرين بالغين، بشرط أن ترفق بالطلب موافقة لآبائهم أو ولي الأمر.

لجنة التحكيم

 تُرفَع الطلبات المستوفية للشروط كافة للجنة تحكيم مستقلة مؤلفة من ثلاثة أعضاء. وتتألف اللجنة من فاعلين ثقافيين أو فنانين من أصحاب الخبرة في المشهد الثقافي العربي والدولي، من اختصاصات وخلفيات متنوعة. سيؤخذ في الاعتبار التنوع الجغرافي والجندري لدى اختيار أعضاء لجنة التحكيم.

تقيّم لجنة التحكيم الطلبات وتختار المشاركين على أساس مجموعة من المعايير التي تحددها مؤسسة المورد الثقافي والمجلس الثقافي البريطاني، والتي تستند إلى اهتمامات المتقدّمين بالطلبات ومشاركاتهم السابقة وأصالة مقترحاتهم.

شروط التعاقد مع المشاركين

 بعد الإعلان عن النتائج، ترسل مؤسسة المورد الثقافي عقوداً للمستفيدين تشرح بالتفصيل نطاق وشروط ومدة المشروع.

كيفية صرف المنحة: يتلقى المشاركون دفعة أولى (بين 60 و80% من المنحة) بعد المشاركة في ورشات عمل تدريبية، ودفعة ثانية (بين 20 و40% من المنحة) بعد نشر حلقتين.

لاستفساراتكم يمكنكم التواصل مع فريق المشروع عبر البريد الإلكتروني: mudawanat@mawred.org

نبذة عن المورد الثقافي

مؤسسة إقليمية غير ربحية تأسست عام 2003، تسعى إلى دعم الإبداع الفني في المنطقة العربية وتشجيع التبادل الثقافي داخل المنطقة وخارجها. تهدف المؤسسة إلى دعم الفنانين والفاعلين الثقافيين والمؤسسات الثقافية من خلال المنح وبناء القدرات والمنشورات والتشبيك، وإلى نشر وترويج الأعمال الإبداعية المصنفة خارج التيار التجاري السائد، إقليميًا وعالميًا، وتحسين الشروط التي تسمح بإنتاج هذه الأعمال من خلال الأبحاث والعمل على السياسات الثقافية.

تستند المؤسسة في عملها إلى الإيمان بالدور الجوهري الذي تلعبه الثقافة في تنمية المجتمع المدني وبأهمية إتاحة الثقافة للجميع وبحق الفنانين في التعبير بحرّية.

على مرّ السنين، تمكنت مؤسسة المورد الثقافي من دعم أعمال أكثر من ألف فنان/ة وفاعل/ة ثقافي/ة، ومن الوصول إلى آلاف الجماهير من أفراد ومجتمعات محلية من خلال أنشطتها وخدماتها، وهي مستمرة بتطوير عملها والمحافظة على كونها نموذجًا إيجابيًا لمؤسسة ثقافية مستقلة تعتمد الشفافية والمصداقية كمعايير أساسية لعملها.

The post المورد الثقافي يطلق مشروع “مدوّنات” appeared first on الرواية نت.

العالَم الروائيّ بين التَخييليّ والواقعيّ.. نبيل سليمان نموذجاً

$
0
0

الروايةُ منجزٌ إبداعي ثلاثيّ العَوالَم، واقعيّ وتخييليّ وروائيّ، وهي عوالم متداخلة متكاملة، تتعايش مع بعضها البعض بين دُفتي الرواية، ولا يُفصَل بينها إلا نظرياً.

العالم الواقعي:

هو ما استند إليه الكاتب، ونهل منه مادته الخام قبل أن يدخلها إلى معمله الإبداعي، وهو عالم مادي محسوس، له وجودُه، وموجوداته الخاضعة لسنن الطبيعة غير القابلة للاختراق، وله علاقاته، وإشكالياته، وأنظمته، وقوانينُه الخاصةُ به التي يُمكن التحكّمُ فيها أو تغييرها.

العالم التخييلي: وهو العالم الورقي الذي يبدع الكاتبُ وجودَه وموجوداتِه، محاكاةً للوجود السابق، لكنه يزيد عليه في إمكانيّة التحكّم في حَتميّة قوانينه التي تَشلّ موجوداتِه، كالتحكم بقيود محدودية قدرة الجسد، والعقل وعلمه، واختراق الغيب وحجبه، وحتمية الموت، وخَطيّة سيرورة الزمن وما شابه، وهذا العالم وجوده المادي محدود بين دُفتي الرواية، ولا وجود له خارجهما.

العالم الروائي: وهو العالم الثالث المنبثق عن العالَمين السابقين، والممتد نظرياً -وليس مادياً- بَعدَهما، ولا وجودَ له خارج ذهن المتلقي، ويمكن أن نسميَه روح الرواية، فعلى الرغم من كونه غيرَ محسوسٍ لكنه يمنح الرواية وجودها الحقيقي؛ فهو الذي يمنحها عالمها، ويحدد عمرها، وقد يمنحها خلودها، وبحكم أنه عالمٌ غيرُ محسوس قد تختلف ملامحُه ويتبدل وعيه، وفهمه من قارئ إلى آخر، تبعاً لزاوية تلقّيه. فالعالم الروائي في “وليمة لأعشاب البحر” لحيدر حيدر رأى فيه البعض عالماً من أجمل عوالم الرواية العربية المأمولة، بينما رأى غيرهم فيه عالماً من الكفر والانحلال يدعو إلى الشجب، والاستنكار، والتظاهر ضدّه، وكذلك رواية “مدائن الأرجوان” لنبيل سليمان  رأى بعضهم أنها فضحٌ لجرائم الإخوان المسلمين المرتكبة ضد المواطنين الآمنين وأصحاب الفكر، والقلم، وهذا يتوافق مع ما رَوّجته حملةُ النظام السوري التي قامت بقمعها آنذاك، بينما رأى آخرون أن العمل يصوّر عالماً روائياً يفضح ذلك النظام، وممارساته الأمنية القمعية التي أوصلت البلاد إلى ما نعيشه اليوم من خراب، وذلك من خلال رصد مسارات عدد من الشخصيات الروائية التي وقعت بين مطرقة النظام وسندان «الإخوان» من دون أن يعني ذلك المساواة بين الاثنين في المسؤولية. فالروايةُ ترفض التطرّف والعنف الصادرين عن بعض الجهات المعارضة، وتتّخذُ موقفاً واضحاً من ممارسات النظام القمعية، وأساليبه في إخضاع الناس وإسكاتهم.

وليس من الضرورة أن يكون العالم الثالث “الروائي” عالماً حلمياً مرجواً، أو مأمولاً يحلّ مَحلّ الواقعي، فقد يكون كشفاَ لماهيته ورصداً لخفاياه، أو تحذيراً من سيرورته وتداعياته، أو حلاً لإشكالياته وغير ذلك…

وتتفاوت أهمية الروائيين تبعاً لقدراتهم على الانتقال من الواقعي إلى التخييلي، وهو أمر يمكن تعلّمه بامتلاك أدوات الكتابة الإبداعية؛ والتي أصبح لها ورشاتُ عمل لتلقينها ولكن عظمة الكتاب -كما أرى- تكمن في مقدرتهم على الوصول إلى العالم الثالث وهو العالم الروائي وتقديمه كعالم حقيقي مقنع على الرغم من عدم وجوده.

وقد يرى بعض النقاد أن العالم التخييلي هو العالم الروائي ذاته، والحقيقة لو كان كذلك لما اختلف قارئان في فهمهما وتصورهما له. لأن العالم التخييلي هو العالم المقيّد بنسخة الكتابة، عالم من كلمات ثابتة، حبيس بين دفتي الرواية، وهي نسخة واحدة لا تختلف كلماتها باختلاف الأعين التي تمر عليها، ولكن الذي يختلف هو تلقيها وتصور معانيها، ودلالاتها، ومرامي صورها، ومشاهدها وهذا التلقي هو ما يشكل العالم الثالث “الروائي” والذي لا مكان له إلا ذهن المتلقي، ولذلك قد يختلف من متلق إلى آخر.

الكتابة الإبداعية والتفكير الإبداعي:

يروي كولن ويلسون في كتابه “فن الرواية”[1] أنه كُلِّف بتدريس منهجٍ عن الكتابة الإبداعية في جامعة روتجرز بكامدن في نيوجرسي، ويشبه عمله هذا بمن يضع سماداً في حديقة ملأى بالأعشاب الضارة، مّذكراً بقول فوكنر حين سُئل رأيه في جيل نورمان ميلر فقال: إنهم يكتبون كتابة جيدة، ولكن ليس لديهم ما يقولونه، وهذا يذكرنا بميلان كونديرا الذي يرى أن الرواية التي لا تضيف جديداً إلى الحياة هي عمل غير أخلاقي.

ولتقديم هذا الجديد كما يرى كولن ويلسون لا يكفي أن يكون لدى الكاتب ما يقوله بل عليه أن يدرك ماهيتة، ولا يكفيه تعلم الكتابة الإبداعية بل عليه أن يمارس التفكير الإبداعي.

ويمكننا القول إن وعي الكتاب للعالم الواقعي الذي يعيشونه وإدراكهم لماهيته يجعلهم يمتلكون ما سيقولونه، والكتابة الإبداعية هي الأداة التي تمكنهم من تحويل الواقعي إلى التخييلي، وحين تترافق عملية التحويل تلك بمهارات التفكير الإبداعي يتكوّن ذلك العالم الثالث الذي سميناه “العالم الروائي” الذي لا شك أنه سيضيف جديداً إلى الحياة، ولن يكون نسخة فوتوغرافية عن الأصل.

ويمكن لنا أن نتخذ من تجربة نبيل سليمان أنموذجاً لإيضاح المفاهيم السابقة؛ كونَه صاحب تجربة نقديّة وروائيّة وصلت إلى 53 كتاباً منها اثنتان وعشرون رواية أخرها “تاريخ العيون المطفأة” 2019.  وقد سيطر على تلك التجربة هاجس يتجلّى في سؤالين؛ الأول سؤال الواقع وارتباطه بتاريخيته وقراءة مآلاته وتحولاته اجتماعياً وسياسياً، والسؤال الثاني يُعنى بالسردي والفني؛ أي بأدوات تحويل الواقعي إلى تخييلي فكانت السمة الغالبة على جميع أعماله بعد رباعيته الأولى “مدارات الشرق” هي البحث والتجريب في اللغة السردية، وخاصة مع رواية “أطياف العرش” التي جاءت “كمحاولة للخروج من أسر “مدارات الشرق” على حد قوله في أحد لقاءاته. فهو دائب البحث عن كيفية تقديم نص جديد مختلف، كما يرى أنّ تطور الفن بشكل عام يكمن في المغامرة.

وقد حاول سليمان في رواياته الأربع الأخيرة تقديم عالم روائي موازٍ للواقعي الذي زلزله ما سُمِّيَ بثورات الربيع العربي؛ وهي مدائن الأرجوان 2013 وجداريات الشام “نمنوما” 2014 وليل العالم 2016 وأخيراً تاريخ العيون المطفأة 2019

وهذه الأعمال جميعُها تُحوّم حول رؤيا بؤرتها أنّ الواقع المأساوي الذي وصلت إليه سورية بعد ثورتها ليس إلا امتدادا ونتيجة حتمية لاستبداد النظام الدكتاتوري الذي أجهض هذا الواقع من أي حلم أو خلاص؛ بل وأدخله في عالم ليل سرمدي وحالة من العماء

وفي مقابلة مع الروائي[2] يصرح بأن هذا المشروع الروائي هو محاولة للإجابة عن سؤال ماذا جرى ولماذا؟ فيقول:

هذا السؤال الذي دوّنته في روايتي “جداريات الشام.. نمنوما” هو ما بات عنواناً رئيساً ربما لمشروعي الروائي، وكنت قد حاولت أن أتلمسه في رواية “مدائن الأرجوان” 2013، في العودة إلى ما تفجر في سوريا نهاية سبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي. ربما كانت هذه الرواية تمهيداً لتاليتها التي حاولت أن تكتب سوريا 2011، أي سوريا المظاهرات السلمية الأسطورية، وما واجهتها به السلطة من عنف وقمع، وكذلك بداية العسكرة المعارضة.

مدائن الأرجوان:

وهي الرواية التي صدرت 2013 أي بعد عامين من الثورة، لكنّه ليشرح ما جرى يعود ثلاثين عاماً إلى الوراء؛ ليستعيد واقعاً حقيقيا له زمانه ومكانه، وأحداثه وأسماؤه المعروفة، فينطلق من اللاذقية، أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، ومقتل الشيخ يوسف صارم إمام جامع جعفر الصادق عام 1979، ومقتل طبيب الأمراض العصبية في اللاذقية عبد الرحمن هلال 1981. ولكنه لكي يحوله إلى عالم روائي يخترق هذا التحديد الدقيق لواقعية المكان والزمان إلى فضاء زماني أوسع، فيهدم خطيّة الزمن ويتجول في التاريخ القديم والحديث لسورية،  “وتتحوّل الأمكنة من شكل إلى آخر ومن جغرافيا إلى أخرى، وتنهمر المدن السورية بكل تاريخها وعمرانها وثقافاتها وعاداتها وإرثها ونكباتها وجروحها متدافعة، من اللاذقية إلى حماة فحلب فدمشق… سورية كلها كانت مشروخة ومجروحة، وهي تصرخ اليوم ودماء أبنائها تسفح على الإسفلت بدلاً من الأرجوان الذي كانت أوغاريت تصدّره إلى الأمصار في سفن الحضارة الإنسانية.” وبذلك نجد أنفسنا في عالم روائي مختلف عن نسخته الأصلية حيث تتداخل فيه الأزمنة والأمكنة والأصوات.

جداريات الشام:

ومعها نتابع بشكل غير مباشر الواقعي الذي في سابقتها، وكأنها تقول: إن ما حدث في الثمانينيات لم يمت كما تخيل النظام الذي استمر في قبضته الأمنية التي خنقت البلاد والعباد الذين انفجروا من جديد.

وقد نجحت الرواية في رصد الحياة الاجتماعية، والتفاصيل الدقيقة لذلك الحراك السلمي في شهوره الأولى من عام 2011 وكأنها ارادت أن توثق كل ما جاء فيه من شعارات وأغان وأهازيج، وتعارُضِ أفكارٍ، واختلافات في وجهات النظر، وما تبعها من انقسامات حتى في الأسرة الواحدة.

“وربط الكاتب الثورة السورية بالثورات العربية الأخرى: “هرمنا” التونسية التي دفعت بزين العابدين بن علي إلى القول: أي نعم فهمتكم. وربطها بمعركة الجمل في القاهرة وسقوط حسني مبارك، وبمعمّر القذافي الذي توعّد “يا جرذان والله سأصفيكم واحداً واحداً”، فيضيف الكاتب “جراثيم سوريا تحيّي جرذان ليبيا”.

ليل العالم:

وتأتي رواية ليل العالم بعد جداريات الشام “نمنوما” وفيها يُقرّبُ سليمان عدساتِه المُصوّرة التي ابتعد بها في العملين السابقين لتشمل سورية كلّها، يقترب هنا ليكبر التفاصيل من خلال بقعة من سورية؛ وهي الرقة وليجعل منها نموذجاً لما آلت إليه الثورة التي قام النظام والمعارضة بحرفها عن مسارها؛ محاولةً لإجهاضها والقضاء عليها.

فيرصد تحول الثورة من السلمية إلى التسليح، ثم إلى الطائفية والأسلمة، ويركز عدسته على المظاهرات السلميّة في الرقة، والوحدة الوطنية بين كافة الطوائف التي قامت بها، ثم دخول الجيش الحر، ومن بعده سيطرة داعش عليه، وعلى محافظة الرقة لإنشاء إمارة إسلامية، وممارساتها الإرهابية الفظيعة التي دفعت بالبعض إلى الترحم على إيام النظام.

ومن خلال كل هذا الواقعي الذي كاد يقترب بالرواية من الوثائقية، الإيهام  بحضور شخصيات حقيقية كالأب “باولو دالوليو” وكذلك هو حضور “أبو لقمان” و”أبو علي الأنباري” من قادة داعش في الرقة، وعلى الرغم من هذا قدم عالماً روائياً بطريقة مختلفة عن نمط الحكاية التقليدي التي يسيرها زمن خطي حتمي، فقد اعتمد الكاتب هنا على الحركة، حركة الحدث والشخصيات ليقدم عالما يشف عن موقف نقدي من كل الأطراف التي جنحت بالثورة عن مسارها، وفي إجابة عن سؤال ما إذا كانت الرواية توثيقية تسجيلية يوضح سليمان ما قدمه للوصول إلى عالم روائي من خلال الواقعي:

“لقد رسمَتْ هذه الرواية أحداثاً كبرى وصغرى، مما عاشته الرقة بخاصة منذ سنة 2011 حتى 2015، ولكن الرسم غير التسجيل، وغير التوثيق. الرسم غير الحَرْفية التي يناديها التسجيل أو التوثيق. لكن الرسم الروائي، كما الرسم غير الروائي، وكما هو الفن بعامة، يستفيد من التسجيل ومن التوثيق، يتمثلهما ويعيد إبداعهما، وهنا يأتي الفرق بين رواية تستطيع، لا أن توهمك فقط، بل أن تقنعك تماماً بأنها سجلّ عن الواقع، و/أو بأنها قائمة على الوثيقة الفلانية أو العلانية، وقد تعود إلى الوثيقة وتجد منها ما تجد في الرواية، ولكن حين تعود إلى الرواية ستجد أن الوثيقة قد تخلّقت في إهاب جديد، في خلق آخر.[3]

 

تاريخ العيون المطفأة:

ولعل هذه الرواية لم تضف جديداً في وصف الواقعي على سابقاتها لكنها تتميز ببناء عالم تخييلي جديد.

فمن رصد الواقعي التاريخي ستتكرر فيها وعلى نطاق أوسع مظاهر الحراك الشعبي ومواجهته بالقمع ومكاتب الأمن والتحقيق والتعذيب والفساد والرشاوى وتفكك بنية المجتمع حتى على صعيد الاسرة الواحدة التي نجد فيها رجل الأمن الذي يصل به الإجرام إلى فقء عيون المعارضين للنظام بينما أخوه معارض تتقاذفه مكاتب التحقيق في مراكز الامن والأخ الثالث مارق على القانون الدولي ويعمل في التهريب، وأكثر من هذا سنجد انقسام الفرد وتشظية لأكثر من شخصية متناقضة كشخصية مولود فهو معارض ولكن يفرض عليه أن يكون عميلاً لرجل الأمن ، وهو امين وخائن، عاشق ومضح بنفسه في سبيل من يحب وسارق لأمواله في الوقت ذاته.

وأما الجديد في الرواية فيكمن وراء ابتعاد سليمان بعدسة تصويره ليشمل العالم العربي الذي يضج بحراك الحرية.

ورغم ذلك الابتعاد رسم عالماً تخييلياً روائياً بحرفية دقيقة تصل إلى حد التركيز على الكلمة، ودلالتها، وخاصة في العتبات النصية الأولى، وعناوين الفصول الروائية وأسماء الأماكن والشخصيات، ومن ذلك استبداله بكلمة “مقدمة” و”متون” كلمة “كالمقدمات” وكالمتون وقد فعل هذا في “ليل العالم” من قبل، ليحمّل كاف التشبيه الشك والقلق الذي ينتابه أمام فهم ما يحدث؛ أهو مُقدّمة؟ أم شيءٌ كالمقدمة؟ والمتن أهو متن حقيقي أم أنه يشبه المتن؟

والحقيقة إن هذه الكاف هي التي تشير إلى “العالم الروائي” الذي قصدناه في بداية هذه الدراسة فهي تحيلنا إلى عالم يشبه العالم الواقعي ولكنه ليس هو.

حتى كلمة فصل أو قسم استبدلها بها كلمة “عين” فكان المتن مؤلفاً من 48 عيناً وليس قسماً أو فصلاً لتتناغم مع العنوان الرئيس، أما الخاتمة التي سماها كالخواتيم فكانت سطوراً فارغة؛ دلالةً على غياب الرؤى في غمرة ذاك العماء الذي خلقته الأنظمة وانعكس على واقع الثورات ومآلاتها، حيث طمس عجيجُها أيّةَ رؤية للخلاص، وتركها على قارعة كل الاحتمالات.

كما أنه يبدع عالماً لا وجود له من ثلاث دول متعادية الحكومات، ولغتها واحدة في الجامعات وهي (كمبا وبر شمس وقمّورين) فكمبا قريبة من موريتانيا في أقصى المغرب، والكمب كلمة أجنبية تعني المعسكر ولها دلالتها على الحجز والتقييد، وبر شمس تستطيع أن ترى من شواطئها جزيرة قبرص، ولا تخفى دلالة كلمة “شمس” التي ترادفها في اللغة الهندية القديمة كلمة “سوريا” وكذلك يمكن ربط قمورين بالأموريين أو العموريين وهي مجموعة سامية اللغة هاجرت إلى بلاد الشام والرافدين في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويلمّح إلى هذا عودة أصول بعض مواطنيها كنجم الدين الصمدي إلى اليمن، وانقطاع الروابط مع تلك الأصول….. وهذا العالم المتخيل ولغاية إقناعيّة محاط بدول عربية وبأسمائها الحقيقية موريتانيا اليمن مصر ..

وهذه الدول المتخيلة يجمع بين أبنائها لغة واحدة، وروابط قرابة ونسب، وتسامح ديني ومشاعر عاطفية قومية جعلتها تهب للتطوع في جيش الإنقاذ سنة 1948، إضافة إلى جيل متمرد خرج إلى الساحات مطالبا بالحرية.

كما أن هناك روابطً توحد بين حكوماتها وأولها العداوة فيما بينها واعتماد نظام موحد للقمع والاستبداد والقبضة الأمنية، والتّسابق في منجزات طرق التحقيق والتعذيب وأنواع السجون إضافة إلى فنون الكذب والخداع والشعارات الوهمية العابرة للزمان والمكان.

ويعمّ الدول الثلاثة وما يحيط بها بلاء واحد هو العمى شعوباً وحكومات، والذي اعتمده الروائي مرتكزا لعنوان الرواية الرئيس، ودون أن يذكره بلفظه.

وبتفكيك هذا العنوان نرى أنه يصلح أن يكون عنواناً رئيساً للروايات الأربع السابقة، فجميعها تحفر في تاريخ المنطقة (سوريا وما حولها من بلدان عربية) وهو تاريخ قمعي حكمه طغاة ودكتاتوريون ومستبدون، أدخلوا شعوبهم في متاهات الجهل والضياع وطمسوا كل درب أمامهم وخلفهم، مما جعلهم جديرين بأن يُكَنَّوا بأهل “العيون المطفأة”.

وهو عنوان يكتظ بالمعاني من خلال تركيبه النحوي والبلاغي الذي اعتمد الإضافة والنعت والاستعارة، وهو ما أكسبه إشعاعاً شعرياً يبوح بدلالات كثيرة. فالعيون وهي نافذة الضوء الذي يتسرب إلى الأعماق يمنحها الوصف بالانطفاء صفة الضوء؛ بمعنى أن تلك الشعوب كانت ضوءاً وقد شعّ نوره على العالم يوماً وهو ما أشار إليه في مدائن الارجوان، من خلال أوغاريت وحضارتها والرقة وتاريخها، ولكن جاء من يطفئ هذا الضوء ويرخي سواد “ليل العالم”، ولا يخفى ما يبوح به استخدام صيغة اسم المفعول “مُطفأة” من القمع والاستبداد، إضافة أنه مشتق من فعل مبني للمجهول “أُطفِئ” وكأن من قام بفعل إطفائه لايزال مجهولاً او غيرَ واضح المعالم.

ومنه فتركيب “العيون المطفأة” يسم تلك الشعوب بسمتين متضادتين، تاريخية مشرقة مبصرة، وراهنة عمياء مظلمة واستدعت السمتان كلمة “تاريخ” لتضاف إلى العنوان وذلك لرصد مرحلتيهما. ولهذا رأينا أن “تاريخ العيون المطفأة” يصلح أن يكون العتبة النصية الأولى للروايات الأربع لما يكمن فيه من دلالة تومئ بمضمونات تلك النصوص وتهيئ القارئ لدخولها.

ومن كل ما سبق يمكننا القول أنّ سليمان استطاع أن يقدم ما قصدناه بـ “العالم الروائي” من خلال رواياته التي رسمت عوالم تخييلية، أرادها موازية لعالم الربيع العربي، تميزت بالحياديّة والموضوعيّة، وخاصّةً من الحراك السوري الذي هو معني به، فقد عبّرت تلك العوالم عن مختلف الشرائح، والمواقف السياسية للنظام والمعارضة، والرماديين والصامتين، ورغم هذا أزعجت تلك العوالم السلطات الحاكمة، وقامت بمنعها. وللكاتب حكايته الطويلة مع الرقيب والمنع بدءاً من روايته “السجن” في طبعتها الأولى عام 1972، وكذلك كان الأمر مع رواية “جرماتي” التي منعها الرقيب في عام 1978، ثمّ مُنعت روايته “جداريات الشام – نمنوما” في عام 2014، قبل أن تُمنع روايته “ليل العالم” عام 2016.

ونستطيع أن نقرأ في هذا المَنْع لروايات سليمان، وغيرِه شهادةً على النجاح في الوصول إلى ما سميناه العالم الثالث للرواية؛ فهذا المنع في حقيقته ليس منعاً لأوراق بين دُفتي كتاب بل هو منع لعالم روائي رآه الكاتب دون غيره، وخلقه على أنقاض العالم الذي تحكمه السلطة التي قامت بالمنع، وهو عالم مخشي بالنسبة لها، وحين أقول هذا المنع هو دليل نجاح فهذا يعني أن الروائي فطن للمسكوت عنه في التاريخ الرسمي الذي تدونه السلطة الحاكمة وقام بنبشه، وإظهار التفاصيل اللامرئية فيه، وكشفها لعامة الناس،  ولو كانت الرواية تصور العالم المرئي الواقعي فقط لما خشيتها السلطات، لأنها ستكون قد رصدت عالماً خارجياً رسماً سطحياً ظاهرياً يعرفه ويعيشه الجميع.

فما أحوجنا اليومَ إلى الكثير الكثير من الروايات الممنوعة لرسم معالم الربيع العربي الممنوع وقد طال شتاؤه!.

 

 

****************

  • زياد الأحمد: أديب وناقد سوري من أعماله الكرسي الدوار (قصص) أسرار زوجية (قصص) رواية الحرب (دراسة نقدية) أزمة الهوية والاغتراب في شعر ياسر الأطرش (دراسة نقدية) درر الأوابد في الأدب والقواعد.

 

 

[1] كولن ويلسون- فن الرواية –ت محمد درويش – الدار العربية للعلوم ناشرون – ط1 2008 ص 9

[2] حوار محمد الحمامصي مع نبيل سليمان  – موقع العرب 10/ 6/ 2015

[3] موقع العين الإخبارية الخميس 31 /1/ 2019

The post العالَم الروائيّ بين التَخييليّ والواقعيّ.. نبيل سليمان نموذجاً appeared first on الرواية نت.

 ليلة الطيَّب صالح 

$
0
0

كنتُ‭ ‬في‭ ‬خنادق‭ ‬الحرب؛‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة؛‭ ‬عندما‭ ‬قرأتُ‭ ‬رواية‭ ‬موسم‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬الشمال؛‭ ‬وحين‭ ‬وصلتُ‭ ‬إلى‭ ‬مشهد‭ ‬بطلها‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد؛‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬انطلاق‭ ‬مع‭ ‬صديقه‭ ‬الراوي؛‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القرية‭ ‬الصغيرة‭ ‬عند‭ ‬منحنى‭ ‬النيل؛‭ ‬وقدْ‭ ‬أخذتهُ‭ ‬نشوة‭ ‬ابنة‭ ‬الكروم؛‭ ‬فبدأ‭ ‬يقرأ‭ ‬مقاطع‭ ‬شعرية‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬الإنكليزية‭ ‬إلى‭ ‬صاحبه‭ ‬الذي‭ ‬عقدت‭ ‬لسانه‭ ‬الدهشة‭ ‬في‭ ‬حينها؛‭ ‬لم‭ ‬تعلم‭ ‬يا‭ ‬سيدي‭ ‬الطيب‭ ‬صالح؛‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬منذهلاً‭ ‬مثل‭ ‬صديق‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد؛‭ ‬وأنا‭ ‬ألوذُ‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬شبه‭ ‬معتم‭ ‬تحت‭ ‬وابل‭ ‬القصف؛‭ ‬أجلْ‭ ‬لقد‭ ‬ذهلتُ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المفاجأة‭ ‬التي‭ ‬فجَّرتها‭ ‬بين‭ ‬حنايا‭ ‬روايتك‭ ‬الخالدة؛‭ ‬فتركتُ‭ ‬الملجأ‭ ‬أشبه‭ ‬بالمسحور،‭ ‬وكان‭ ‬القصف‭ ‬عنيفاً؛‭ ‬لم‭ ‬آبه‭ ‬بالموت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرقبني‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات؛‭ ‬إذْ‭ ‬كنتُ‭ ‬أسير‭ ‬بلا‭ ‬هدى‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬سواتر‭ ‬النار؛‭ ‬لعلَّني‭ ‬أجده‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الخنادق‭ ‬يجلس‭ ‬مع‭ ‬الجنود‭ ‬وهو‭ ‬يشرب‭ ‬ابنة‭ ‬الكروم‭ ‬ويقرأ‭ ‬لهم‭ ‬تلك‭ ‬القصيدة‭ ‬التي‭ ‬أطارتْ‭ ‬لُبَّ‭ ‬عقلي؛‭ ‬وبقيتُ‭ ‬هائماً‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬سادر؛‭ ‬وفوق‭ ‬رأسي‭ ‬تتوهَّجُ‭ ‬مشاعل‭ ‬التنوير؛‭ ‬وتنفلقُ‭ ‬قنبلة‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬بين‭ ‬شهقة‭ ‬وأخرى؛‭ ‬كنتُ‭ ‬أردّد‭ ‬تلك‭ ‬القصيدة‭ ‬التي‭ ‬قرأها‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد‭ ‬إلى‭ ‬صاحبه‭.. ‬

“هؤلاء‭ ‬نساء‭ ‬فلندرز‭ ‬ينتظرنَ‭ ‬الضائعين،‭ ‬ينتظرنَ‭ ‬الضائعين‭ ‬الذين‭ ‬أبداً‭ ‬لن‭ ‬يغادروا‭ ‬الميناء،‭ ‬ينتظرنَ‭ ‬الضائعين‭ ‬الذين‭ ‬أبداً‭ ‬لن‭ ‬يجيء‭ ‬بهم‭ ‬القطار،‭ ‬إلى‭ ‬أحضان‭ ‬هؤلاء‭ ‬النسوة،‭ ‬ذوات‭ ‬الوجوه‭ ‬الميتة،‭ ‬ينتظرنَ‭ ‬الضائعين،‭ ‬الذين‭ ‬يرقدون‭ ‬موتى‭ ‬في‭ ‬الخندق‭ ‬والحاجز‭ ‬والطين‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬الليل‭. ‬هذه‭ ‬محطة‭ ‬تشانغ‭ ‬كروس‭.

الساعة‭ ‬جاوزت‭ ‬الواحدة. ‬ثمة‭ ‬ضوء‭ ‬ضئيل؛‭ ‬ثمة‭ ‬ألم‭ ‬عظيم“؛‭ ‬وكلما‭ ‬انتهيتُ‭ ‬منها؛‭ ‬كنتُ‭ ‬أعيد‭ ‬الكرَّة‭ ‬لإنشادها‭ ‬بصوت‭ ‬جهوري؛‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يسمعني‭ ‬من‭ ‬أحد؛‭ ‬سوى‭ ‬القصف‭ ‬العنيف‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬ترتجُّ‭ ‬من‭ ‬عصفه‭ ‬السماء‭ ‬قبل‭ ‬الأرض؛‭ ‬كأنَّ‭ ‬القصيدة‭ ‬كانت‭ ‬تعويذتي‭ ‬التي‭ ‬تدرأ‭ ‬عني‭ ‬الموت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتربَّصُ‭ ‬بخطاي‭ ‬المتعثرة‭ ‬في‭ ‬غياهب‭ ‬العتمة‭ ‬المخيفة؛‭ ‬قصيدة‭ ‬موجعة‭ ‬كتبها‭ ‬جندي‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى؛‭ ‬فكيف‭ ‬جاءت‭ ‬على‭ ‬خاطر‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬منسية‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬السودان؛‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬في‭ ‬ذهني؛‭ ‬أني‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬سأعود‭ ‬سالماً‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬وأشغف‭ ‬في‭ ‬الكتابة؛‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أحلامي‭ ‬مُطلقاً؛‭ ‬أني‭ ‬سأكتب‭ ‬رواية‭ ‬واشترك‭ ‬فيها‭ ‬بمسابقة‭ ‬تحمل‭ ‬اسمك؛‭ ‬الروائي‭ ‬الطيب‭ ‬صالح؛‭ ‬وأفوز‭ ‬بالمركز‭ ‬الأول؛‭ ‬يااااه‭ ‬ما‭ ‬أروعك‭ ‬يا‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد‭ ‬وأنت‭ ‬تأخذ‭ ‬بيدي؛‭ ‬وتدعني‭ ‬أصافح‭ ‬كف‭ ‬الطيب‭ ‬صالح؛‭ ‬لقد‭ ‬أصبحتُ‭ ‬صديقكَ‭ ‬الآن؛‭ ‬وصار‭ ‬بوسعي‭ ‬أنْ‭ ‬أجلس‭ ‬معكَ؛‭ ‬ونتبادل‭ ‬الأنخاب‭ ‬وأقرأ‭ ‬على‭ ‬مسامعكَ‭ ‬شذرات‭ ‬من‭ ‬قصائدي‭ ‬التي‭ ‬كتبتها‭ ‬عن‭ ‬الحرب؛‭ ‬ما‭ ‬أبهجني‭ ‬هذه‭ ‬الساعة؛‭ ‬برغم‭ ‬جلوسي‭ ‬وحيداً‭ ‬في‭ ‬مهجري‭ ‬البعيد؛‭ ‬غير‭ ‬أنَّ‭ ‬ابتسامة‭ ‬مصطفى‭ ‬سعيد‭ ‬الغامضة‭ ‬ترفرف‭ ‬حولي؛‭ ‬وروحك‭ ‬الطيبة‭ ‬تنثرُ‭ ‬الكلمات‭ ‬على‭ ‬رأسي؛‭ ‬وأنا‭ ‬أسمعُ‭ ‬نبرة‭ ‬صوتكَ‭ ‬الجريح‭ ‬مندهشاً؛‭ ‬وأنت‭ ‬تقول‭ ‬لي‭ ‬بهمسٍ‭ ‬عجيب:‭ ‬“كنتُ‭ ‬أحسُّ‭ ‬بأنني‭.. ‬أنني‭ ‬مختلف‭.. ‬أقصدُ‭ ‬أنني‭ ‬لستُ‭ ‬كبقية‭ ‬من‭ ‬هُم‭ ‬في‭ ‬سِنِّي،‭ ‬لا‭ ‬أتأثر‭ ‬بشيء‭. ‬لا‭ ‬أبكي،‭ ‬لا‭ ‬أفرح‭ ‬إذا‭ ‬أُثنيّ‭ ‬عليَّ،‭ ‬لا‭ ‬أتألم‭ ‬لما‭ ‬يتألم‭ ‬لهُ‭ ‬الباقون‭.. ‬كنتُ‭ ‬مثل‭ ‬شيءٍ‭ ‬مكوَّرٍ‭ ‬من‭ ‬المطَّاط،‭ ‬تلقيه‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬فلا‭ ‬يبتل،‭ ‬ترميه‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬فيقفز‭.. ‬كنت‭ ‬بارداً‭ ‬كحقل‭ ‬جليد،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬شيء‭ ‬يهزَّني“‭ ‬فتبهرني‭ ‬كلماتكَ‭ ‬وأنهضُ‭ ‬مثل‭ ‬طفلٍ‭ ‬ضائعٍ‭ ‬لعناقكَ؛‭ ‬لكنكَ‭ ‬كنت‭ ‬تختفي‭ ‬فجأةً‭ ‬من‭ ‬أمام‭ ‬ناظري‭ ‬مثل‭ ‬شعاع‭ ‬فجر‭ ‬قصير؛‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬كنتَ‭ ‬تبزغُ‭ ‬من‭ ‬كوّةٍ‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬سقف‭ ‬الغرفة؛‭ ‬تفتح‭ ‬فمكَ‭ ‬بهدوء‭ ‬وأسمعكَ‭ ‬هذه‭ ‬المرَّة‭ ‬مثل‭ ‬قديس‭ ‬يرتِّل‭ ‬الآيات‭..‬“‭

‬إنني‭ ‬منذ‭ ‬زمان‭ ‬بعيد‭ ‬قررت‭ ‬ألاّ‭ ‬أبالي؛‭ ‬إنني‭ ‬أريد‭ ‬أنْ‭ ‬أأخذ‭ ‬حقي‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬عنوة‭.

أريدُ‭ ‬أنْ‭ ‬أعطي‭ ‬بسخاء،‭ ‬أريد‭ ‬أنْ‭ ‬يفيض‭ ‬الحب‭ ‬من‭ ‬قلبي‭ ‬فينبع‭ ‬ويثمر‭. ‬ثمة‭ ‬آفاق‭ ‬كثيرة‭ ‬لابدَّ‭ ‬أنْ‭ ‬تزار،‭ ‬ثمة‭ ‬ثمار‭ ‬يجب‭ ‬أنْ‭ ‬تُقطف،‭ ‬كتب‭ ‬كثيرة‭ ‬تقرأ،‭ ‬وصفحات‭ ‬بيضاء‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬العمر؛‭ ‬سأكتبُ‭ ‬فيها‭ ‬جُملاً‭ ‬واضحةً‭ ‬بخطٍّ‭ ‬جريء‭.

“‭ ‬أرنو‭ ‬إلى‭ ‬وجهكَ‭ ‬المثقل‭ ‬بحزن‭ ‬عميق؛‭ ‬لكنكَ‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تغيب؛‭ ‬فأهزُّ‭ ‬رأسي‭ ‬بعنف؛‭ ‬عسى‭ ‬أفيق‭ ‬من‭ ‬أوهامي؛‭ ‬وأجد‭ ‬نفسي‭ ‬تحدَّثك؛‭ ‬يا‭ ‬سيدي؛‭ ‬كنتُ‭ ‬بشغف‭ ‬لزيارة‭ ‬قبرك‭ ‬المضيء‭ ‬في‭ ‬أم‭ ‬درمان؛‭ ‬لكنَّ‭ ‬هتاف‭ ‬المسحوقين‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والحارات‭ ‬شغلني؛‭ ‬وأخذ‭ ‬خطاي‭ ‬نحوهم؛‭ ‬كنتُ‭ ‬أتمنى‭ ‬رؤية‭ ‬أصدقائي‭ ‬محمد‭ ‬نجيب‭ ‬ويوسف‭ ‬الحبوب‭ ‬وعثمان‭ ‬تراث‭ ‬وسواهم؛‭ ‬حتى‭ ‬نتصعلك‭ ‬تحت‭ ‬شمس‭ ‬شباط‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الشعبية؛‭ ‬والحانات‭ ‬السريَّة؛‭ ‬ونجلس‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬مع‭ ‬الثائرين؛‭ ‬لكنَّ‭ ‬الحلم‭ ‬انصهر‭ ‬مع‭ ‬دماء‭ ‬الأبرياء؛‭ ‬ترى‭ ‬هل‭ ‬سأراك‭ ‬تجلسُ‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬ذات‭ ‬مساء‭ ‬مضيء؛‭ ‬تومئ‭ ‬بيدك‭ ‬لي‭ ‬فرحاً‭ ‬وأنا‭ ‬احتضنُ‭ ‬الجائزة؛‭ ‬ومعي‭ ‬صديقي‭ ‬علي‭ ‬حسين‭ ‬عبيد‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬لي:‭ ‬أما‭ ‬يكفي‭ ‬إنَّنا‭ ‬أصبحنا‭ ‬أصدقاء‭ ‬هذا‭ ‬العبقري‭ ‬والإنسان‭ ‬البسيط‭. ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬يكفي‭ ‬والله؛‭ ‬فأنت‭ ‬الذي‭ ‬قلت‭ ‬ذات‭ ‬يوم:‭ ‬نحنُ‭ ‬قومٌ‭ ‬نخافُ‭ ‬الفرح!‭ ‬إذا‭ ‬ضحكنا‭ ‬نستغفر؛‭ ‬نخشى‭ ‬البهجة؛‭ ‬ونتمسُّك‭ ‬بالقتامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء؛‭ ‬يا‭ ‬لرتابتنا‭ ‬لحظة‭ ‬تتحوَّل‭ ‬فيها‭ ‬الأكاذيب‭ ‬أمام‭ ‬عينيكَ‭ ‬إلى‭ ‬حقائق؛‭ ‬ويصير‭ ‬التاريخ‭ ‬قوَّاداً؛‭ ‬ويتحوَّلُ‭ ‬المهرّج‭ ‬إلى‭ ‬سلطان‭.‬ إنني‭ ‬لا‭ ‬أطلب‭ ‬منكَ‭ ‬أنْ‭ ‬تصدق‭ ‬ما‭ ‬أكتبهُ‭ ‬لكَ‭ ‬أيها‭ ‬القارئ؛‭ ‬لكَ‭ ‬أنْ‭ ‬تعجب‭ ‬وأنْ‭ ‬تشك؛‭ ‬أنت‭ ‬حر؛‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬لي‭ ‬مع‭ ‬الطيب‭ ‬صالح‭ ‬ليلة‭ ‬أمس؛‭ ‬في‭ ‬مهجري‭ ‬البعيد‭.‬

 

الرواية نت – خاص

The post  ليلة الطيَّب صالح  appeared first on الرواية نت.

صدور رواية “عام الجليد”لرائد وحش

$
0
0

صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، الرواية الأولى للشاعر والصحافي الفلسطينيّ السوري رائد وحش، بعنوان “عام الجليد”. وهي رواية تدور حول سبارتكوس، الفتى القرويّ الحالم، الذي وجد نفسه منذ طفولته يعيش في تخيّلاته الخاصة، وعلى خلاف البشر الذين تُنضج التجارب والأيام شخصياتهم وأفكارهم انصبَّ التطوّر على خياله قبل أي شيءٍ آخر، ما أوصله إلى درجة بات فيها سبارتكوس يعيش تجربة الإنسان القديم في الغابات والكهوف بحثًا عن القوت والأمان، ومن ثم تجربة المغامر الذي تُدميه رغبة الاكتشاف، ليصل إلى نوعٍ من التألّه حين يخال نفسه قادرًا على الخلق.

حين شبَّ سبارتكوس، اضطر إلى ترك المدرسة وأصدقائه القدامى، خصوصًا وليم والس وراديو، ليُعيل والده المريض مرضًا غريبًا منذ وفاة زوجته. يعمل سبارتكوس حارسًا لمزرعة فاكهة عملاقة، وبين أحضان الطبيعة سوف يضع قوّة خياله اللامحدود في خدمة الأسئلة التي تقلقه: الموت والحياة، الحب والجنس، قربى الكائنات الحية بعضها لبعض، إلى جانب قرابتها كلها للجغرافيا، يرشده في ذلك صديقٌ سريّ يُدعى زمهرير.

خلال الانهماك في عبور محيطات من الأفكار، ومواجهة عواصف من الأسئلة، يبدأ سبارتكوس ببناء تصوّره الخاص عن رحلة الإنسان في هذا العالم، لكنه قبل الوصول إلى إجابات شافية تنشب حربٌ ويكون أولى ضحاياها، كما لو أنّ خياله وطلاقته هدف أساسي من أهدافها. ينسى من كان، وماذا أراد، وتنقلب أحلامه وخيالاته إلى كوابيس، في اليقظة والمنام، ما يأخذه في رحلة مضادة للرحلة التي قضى عمره في مسارها.

“عام الجليد” رواية رمزية تمتزج فيها عوالم فانتازية وفلسفية في قالب حكائي، يسير على إيقاعٍ حالمٍ، لكنه سرعان ما ينكسر ويتحوّل إلى ديستوبيا.

من الرواية:

بدأت القصة حين رآها في البرية تدخن، وحين رأتْه أخفت سيجارتها، فاقترب منها وطلب منها ألا تخاف فلن يفشي سرّها، وحين حاول الجلوس ليشاركها التدخين نهضت ومضت مسرعةً.

بعد أيام، صار يرمي إليها من وراء سور البيت علب سجائر فاخرة، بينما يرمي عشّاق ذلك الوقت رسائل غرامٍ نارية. بالنسبة لها تلك السجائر رسائل نارية، حقًّا لا مجازًا. 

ارتبط إدمان التدخين بإدمانها على رؤيته، وباتت كل سيجارة تدخنها منه تحمل معاني الشوق واللهفة والانتظار، التي يكتبها بخطّ جميل على السجائر، مستعيرًا مقاطع من الأغاني وأبياتًا من شعر الحب، إلى أن جاء اليوم الذي قرأتْ على سيجارات علبةٍ كاملةٍ كلمة “أحبّكِ”، بألوانٍ وخطوط مختلفة، وبعدها صارت تشعر أنها تدخن الكلمات التي يكتبها أكثر مما تدخن السجائر نفسها، لتتذّوق طعم الحبّ في التبغ.

سيجارةٌ بطعم “اشتقت إليكِ”، وأخرى بنكهة “حياتي”، وثالثة بمذاق “أفكّر فيكِ طوال الوقت”. تقريبًا دخلتْ كلمات قاموس الحب كلّها إلى صدرها مع التبغ، لكنها احتفظت بسيجارة كتبَ عليها “أريد أن أتزوجكِ” لليلة الدُّخلة، حيث دخَّنَاها معًا بعد مطارحة الغرام الأولى.

عن الكاتب:

رائد وحش كاتب وصحفي من فلسطيني – سوري، من مواليد دمشق 1981. يقيم في ألمانيا. عمل محررًا في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية. صدر له في الشعر “لا أحد يحلم كأحد” 2008، و”عندما لم تقع الحرب” 2012، و”مشاة نلتقي.. مشاة نفترق” 2016، وفي النثر “قطعة ناقصة من سماء دمشق” 2015.

The post صدور رواية “عام الجليد” لرائد وحش appeared first on الرواية نت.

صدور “النحلة والغول”لغسان شبارو

$
0
0

صدرت رواية «النحلة والغول» للكاتب غسان شبارو في مرحلة شديدة التعقيد من السيطرة المباشرة للغرب على العالم الثالث إثر تشييد نمط من الخطاب الموجه صوب المجتمع العربي وخاصة فئة الشباب، بأسلوب استبطانيّ لعوب وانتقائي وتعدّدي، يميّع الحدود بين الثقافة التقليدية “الرفيعة” والثقافة المعاصرة “الاستهلاكية”، ويقوم بإعادة إنتاجها واختلاقها بشكل جديد للبرهنة على تفوقه. والرواية هنا تستكشف هذا الخطاب وتكشف عما ينطوي عليه من تجاذب وتناقض، وينصبّ اهتمامها الرئيس على تفكيك الوعي الزائف الذي شيده الغرب الرأسمالي – لعقود طويلة – عن التفوق الحضاري للغرب بواسطة جمعياته السرية التي تعمل في الخفاء والذي أكمل مسيره اليوم مع ثورة الاتصالات وما ولّدته من فوضى مرعبة اخترقت أكثر ما اخترقت عقول شبابنا الذين صدّقوا قدْراً كبيراً من الزيف في هذا الخصوص فتحولت اهتماماتهم صوب السوشال ميديا وألعاب الفيديو والأغاني الهابطة والأفلام الخيالية، وغير ذلك من السلوكيات التي تهدر الوقت وتبعد الشباب عن قيمهم وتاريخهم وقضاياهم الوطنية وأهدافهم المستقبلية.

في «النحلة والغول» ثمة عوالم مرجعية أربعة يُحيل إليها الكاتب غسان شبارو بنِسَب مختلفة وهي: عالم الشباب والعلاقة مع وسائل التواصل الاجتماعي “الإنترنت”، وعالم معايير “النشر” وحقوق “الناشر”، وعالم العلاقات الأسرية والزواجية، وعالم تجار الحروب وضحاياها على مستوى العالم أجمع. وتتمظهر إحالاته إلى العالم الأوّل من خلال شخصية الشاب “مراد”، الذي عانى من التنمُّر فوجد في ألعاب الفيديو الإلكترونية تعويضاً عن العلاقات المباشرة مع الأهل والأصدقاء فانضمَّ إلى لعبة “بيجي” ثم ما لبث أن تركها بسبب عدم وضوح رؤيته البصرية، وتنمُّر أعضاء اللعبة على حاله. ثم وجد في لعبة “فورتنايت” ملاذه المفضّل للهروب من واقعه، هكذا ظن وهو يعيش حياته الافتراضية إلى أن اختبر الحقيقة المؤلمة بنفسه. وهنا تنُبّه الرواية إلى ضرورة مراقبة السلطات المختصة والأهل لمواقع التواصل الخاصة بالأولاد واختيارها على أسس تربوية سليمة.

وتتمظهر إحالته إلى العالم الثاني من واقع مهنته في كونه كاتباً روائيّاً وناشراً فاتخذ من مسيرة دار “البصيرة للنشر والتوزيع”، في مجال النشر والتوزيع والتسويق فضاءً للتعبير عن حقوق الناشرين تجاه ما يواجهونه من قرصنة للكتب عبر مواقع جاهزة للتنزيل المجاني، والأمر الأشد خطورة كان في تزوير إصدارات الدار الورقية وبيعها في بعض المكتبات دون أي احترام لحقوق الملكية الفكرية، وهنا تلفت الرواية انتباه السلطات القانونية المختصة لاتخاذ التدابير اللازمة التي تحمي الكاتب والناشر معاً.

وتتمظهر إحالته إلى العالم الثالث في تركيزه على العلاقات الأسرية من خلال العلاقة الزواجية المتينة التي تربط بين شاهين أفندي ومي نادر اللذان نجحا على الرغم من الفروق الطبقية التي تفصل بين عائلتيهما، فالزوجة “مي” على الرغم من كونها نشأت في عائلة ميسورة إلا أنها اعتمدت على نفسها بعيداً عن مال عائلتها، وتزوجت من شاهين أفندي الذي تحدَّرَ من عائلة عريقة وغنية حط بها الدهر مما اضطره إلى التضحية بأهدافه ومستقبله الذي رسمه ليحافظ على كرامة عائلته.. ولكن الحب والتفاهم كان الأقوى فنجحا معاً وأخذا بيد ابنهما مراد قبل أن يأخذه تيار “الإنترنت” وألعابه الإلكترونيّة إلى غير رجعة..

وأما إحالته إلى العالم الرابع فتتمظهر في كشفه السياسات الدولية المعولمة الباحثة عن السيطرة والربح على حساب البشر. وتأتي مقالة الدكتور مجدي سالم في الرواية لتكشف عن الوجه القذر لأمريكا في حربها مع فيتنام من خلال التفاعل الذي رافق صورة “فتاة النابالم” على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي الفتاة الفيتنامية “فان ثي كيم فوكب” ذات الأعوام التسعة، وهي تجري عارية تصرخ ألماً والدموع تجري على خديها، وقد احترق ظهرها نتيجة ضرب الطيران قريتها بقنابل النابالم الحارقة، وليس بعيداً عن هذه المأساة ما يحصل اليوم في دول ما تزال ترزح تحت سيادة تجار الحروب وأدواتهم في بلدان مثل فلسطين والعراق واليمن والصومال والسودان وسورية ولبنان وغيرها.
هذه العوالم الأربعة يُدخلها الكاتب شبارو في شبكة من العلاقات الروائية يتداخل فيها الواقعي بالمتخيل، والمُعاش بالافتراضي، وإن كان الأخير يستأثر بالحيز الأكبر في هذه الشبكة. وهو يوزع هذه العوالم برؤية واضحة تُدين المجرم وتقف إلى جانب الضحية أياً كان جنسها ولونها ودينها. وبهذا الاشتغال الفني الفريد تحقّق «النحلة والغول» روائيتها وتبعث برسالتها ليس إلى فئة الشباب فحسب بل إلى العالم أجمع.. وقد عرف مؤلفها كيف يقدم أفكاره بشكل فني مجرد من الخطابية والمباشرة التي قد يقع فيها بعض كتّاب الرواية.

The post صدور “النحلة والغول” لغسان شبارو appeared first on الرواية نت.

بوكر.. أتوود ورشدي مرشحان وشفق قد تنال الجائزة

$
0
0

لندن – اختير كتاب من بلدان عدة بينهم الكندية مارغاريت أتوود والبريطاني سلمان رشدي للمنافسة على نيل جائزة “بوكر” الأدبية البريطانية العريقة لهذا العام، على ما بيّنت قائمة المرشحين الستة في التصفيات النهائية لهذا الحدث الثلاثاء.

ورُشّحت الكاتبة الكندية عن روايتها “ذي تستامنتس”، وهي التكملة المنتظرة لرواية “ذي هاندمايدز تايل” التي تطرح في بريطانيا في الأيام المقبلة.

ووصف رئيس لجنة تحكيم الجائزة بيتر فلورنس كتاب “ذي تستامنتس” بأنه رواية “مذهلة تحاكينا جميعا بإقناعها وقوّتها”، مضيفا “أتوود رفعت السقف لدرجة استثنائية. هي تحلق”.

وانتقلت “ذي هاندمايدز تايل” إلى الشاشة الصغيرة عبر مسلسل تلفزيوني ناجح عرض في 2017 وأعطى زخما جديدا لمبيعات الكتاب، إذ بيعت ثمانية ملايين نسخة من الكتاب باللغة الإنكليزية في مختلف أنحاء العالم.

وسبق لمارغاريت أتوود (79 عاما) الفوز بجائزة “بوكر” في العام 2000 عن كتابها “ذي بلايند أساسين”.

وكذلك ضمت قائمة المرشحين الكاتب البريطاني سلمان رشدي (72 عاما) الحائز أيضا جائزة “بوكر” في 1981 عن “ميدنايتس تشيلدرن”. وهو ينافس مع كتابه “كيشوت” وهي نسخة معاصرة للكتاب الشهيرة “دون كيشوت” تدور أحداثها في أميركا.

أما المرشحون الباقون فهم النيجيري تشيغوزي أوبيوما عن “أن أوركسترا أوف ماينوريتيز” والبريطانية النيجيرية برناردين إيفاريستو عن “غيرل، وومان، آذر”، والأميركية لوسي إيلمان عن “داكس، نيوبوريبورت”، إضافة إلى إليف شفق أكثر الكتّاب استقطابا للقراء في تركيا، بروايتها “10 مينيتس 38 سيكوندس إين ذيس ستراينج وورلد”.

وتُمنح جائزة “بوكر” في 14 أكتوبر القادم وهي تكافئ الأعمال الخيالية باللغة الإنكليزية.

The post بوكر.. أتوود ورشدي مرشحان وشفق قد تنال الجائزة appeared first on الرواية نت.


صدور “جميلات جعلان”للعُماني نبهان الحنشي

$
0
0

 صدرت رواية “جميلات جعلان” للروائي العُماني نبهان الحنشي، بنسخة إلكترونية على موقع  أمازون.

والرواية هي العمل الأدبي الخامس للحنشي، وعودة للنشر بعد أكثر من ٣ سنوات.

يركز العمل على مرحلة تبدأ من ١٩٩٠ حتى ٢٠١٥، ٢٥ سنة حول شخصيات وأحداث في إحدى ولايات عمان، جعلان بني بو حسن.

الرواية تركز على شخصيات مهمشة في العرف الاجتماعي، مثل المرأة وذوي البشرة السوداء، كما تناقش الطبقية الاجتماعية والتناقضات بين الدين والعادات. وتسلط الضوء على جوانب عديدة في المجتمع تمثل ركيزة أساسية في تشكل الهوية العمانية.

الرواية صادمة، وهي لا تمثل وجهة نظر معينة، بل تنقل الواقع كما هو وتعطي صورة مغايرة للكثير من المفاهيم المعروفة عن المجتمع العماني مثل التسامح والسلام.

اضطر الكاتب للجوء للنشر الإلكتروني رغبة منه لوصول الكتاب لأكثر شريحة ممكنة من القراء خاصة بعد منع كتبه في عمان، مما نتج عن امتناع العديد من دور النشر عن النشر له.

نبهان الحنشي كاتب عماني، صدر له سابقا مجموعتان قصصيتان، وروايتان. جميلات جعلان تمثل إصداره الأدبي الخامس والروائي الثالث. يعيش حاليا في المملكة المتحدة كلاجئ سياسي بعد أن غادر عمان في ٢٠١٢ بسبب المضايقات والاعتقالات التي تعرض لها.

رابط الرواية في أمازون أو كندل:

https://www.amazon.co.uk/dp/B07X6PK267/ref=cm_sw_r_wa_apa_i_qDWADb265ZF22

 

The post صدور “جميلات جعلان” للعُماني نبهان الحنشي appeared first on الرواية نت.

صدور “رسائل من امرأة مختفية”للمغربي محمد برادة

$
0
0

بعد صدورها في طبعتها المغربية، تصدر في الطبعة العربية رواية “رسائل من امرأة مختفية” للناقد والروائي المغربي محمد برادة، عن منشورات المتوسط – إيطاليا. روايةٌ قال عنها النقاد أنها جزء من سيرة برادة الروائية، انطلاقاً من زمنها الذي يبدأ مباشرة بعد الاستقلال وعودة الكاتب من مصر، كما أن سردها يمتدّ لقضايا الاعتقال السياسي، وصولا إلى الإحساس اليائس بلا جدوى الإصلاحات بالمغرب، هي حكاية الذات المُفردة في مواجهة الذات الجماعية من نافذة الموروث والطابو والمؤسسة.

ففي ظروف غامضة، تختفي “جاذبية عبد العزيز”، صحافية وكاتبة مغربية جريئة، تحملُ همـومَ ما بـعد الاستقلال وتسعى إلى التَّحرُّر من السُّلطة الذكورية الـمُـجـحــفة، في مناخٍ اجتماعيّ وسياسيّ مضطرب. منذ حكومة عبد الله إبراهيم، الى الصراع بين المعارضة والقصر، مروراً بأحداث انتفاضة 23 مارس 1965، ثم مرحلة السبعينيات التي شهدت موجة اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي اليسار، ودرب مولاي علي الشريف، وناس الغيوان، إلى غيرها من الأحداث والشواهد التي تنقل صورةً بانورامية عن تاريخ المغرب في تلك الحقبة.

روايةٌ يمتزجُ فيها الخيال والواقع، عبر علاقةٍ محمومةٍ تجمع بين “جاذبية”، وشـابٍّ يساريٍّ متخصصٍ في الاقتصاد وقـارئ مـتابع لـلأدب والفكر، هو “هيمان السبتي”، الذي تداهمه الأسئلة، ويصطدم بجدرانٍ صمّاء في رحلةِ اقتفائه لأثرِ امرأته المختفية، لتكون هذه الرحلةُ المُتعدِّدة الأصوات والرسائل ملامسةً حقيقيةً لمناطق الظّل في الذاكرة والذات والمجتمع، وتمجيداً أدبياً لما كتبتْهُ امرأةٌ سابقةٌ لزمانها؛ من أشياءَ تبدو مُتقدِّمةً عمَّا نعيشه اليوم.

من الكتاب:

يا سكّيري اللامع، أفهمكَ.
لم أقرأ نفس الشخصيات في نفس الكُتُب .. لم أرَ نفس الأفلام؛ لم أسمع نفس الأغاني والكلمات العابرة .. لم أشربْ كلّ تلك “الدّبّوزات” التي مرّتْ من جوفكَ .. لكني أفهمكَ في (العُمق)، فلكُلٍّ منّا طريقتُهُ في محاولة التّسلّل، أو البحث عن تغييرٍ جذري …
كمْ أكرهكَ أحياناً. تعرف كلّ شيْء ..
وأعطيكَ نقيضَ الكراهية عن اقتناع .. تعرف كلّ شيء …
حتّى الثمالة أُجرِّبُ شعورَ الصبايا منذ عُدتُ: “الأسطوانة، والصورة، وطعمُ السّكّر في لساني، والبريق في عيْني وفي مواجهة المرآة …” كلّهُ عبث في عبث. والبعض يفضّلون عبثهم، يضعونه في القمّة حارّاً. حارّاً حتى يذوب ويتلاشى أثرُه، فيبكون .. ليس ضياع العبث، أيّها السّكّير، ما يبكون، إنما هي “محاولة سجنِ مشاعرنا اللامحدودة في ألفاظ .. مجرّد ألفاظ ..”.
وبعد؟ صحيح “إنتَ اسمك إيه؟”

محمد برادة:

روائي وناقد مغربي، مواليد 1939. يكتب محمد برادة القصة والرواية، كما يكتب المقالة الأدبية والبحث النقدي، وله في هذه المجالات جميعها العديد من الدراسات وبعض الكتب ذات الأثر اللافت في المشهد الثقافي والأدبي والنقدي العربي، صدرت له أيضا بعض الترجمات لكتب أدبية ونقدية ونظرية أساسية، لكل من رولان بارت وميخائيل باختين وجان جنيه ولوكليزيو وغيرهم، كما ترجم لغيرهم العديد من النصوص الأساسية في مجالات مختلفة.
كان من مؤسسي اتحاد كتاب المغرب، وانتخب رئيسا له في ثلاث ولايات متتالية، انتمى في فترة من حياته إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وساهم في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، لكنه تفرغ فيما بعد للعمل الأدبي والنقدي. تُرجمت العديد من مؤلفاته إلى لغات أجنبية.

The post صدور “رسائل من امرأة مختفية” للمغربي محمد برادة appeared first on الرواية نت.

الحقيقة متاهة صامتة.. بُرهان شاوي في “المتاهات”

$
0
0

ربما من نافل القول التأكيد بأن الرواية هي خطاب اجتماعي ونفسي وتاريخي لأي شعب أو مجتمع في لحظته التاريخية المعنية، وهذا لا يعني بأنها الوحيدة في ذلك، وإنما هي الأقدر من بين الأشكال الفنية والأدبية على التقاط تفاصيل الحياة اليومية واحتضان الأنغام المتنافرة لإيقاع عصرها المتغير، لذا صار الرواية نصا قادراً على توثيق لحظتها التاريخية، بكل ما فيها من تفكك واضطراب واهتزاز للثوابت والايديولوجيات والبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهي بذلك تقوم بتشكيل ليس الوعي وحده وأنما الوعي المضاد لكل الثوابت، هذا الوعي الذي يستعيد العالم بوساطته الأسئلة للذات الفردية والجمعية مؤكدة على إدراك الوجود ووعي الحياة. وهذه النظرة للرواية يمكن سحبها وتطبيقها على النتاج الروائي العالمي كله. بما في ذلك الروائية العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص.

وهنا، في وقفتنا هذه، نجد أن الشاعر والروائي والباحث العراقي بُرهان شاوي في روايته المسلسلة “المتاهات” يجسّد الفهم الشامل لمفهوم الرواية باعتبارها خطابا تاريخيا ونفسيا ومعرفيا، ولا أغالي إذا ما قلت بأن ” المتاهات” تشكل انعطافة جديدة في معالم الرواية العراقية الحديثة، فقد جاءت مكتظة بأسئلة الوجود والحياة والمعنى الكامن فيها، وإعادة قراءة المراحل التاريخية التي مرت بها العراق، والمنطقة، بل هي تعيد قراءة المقدس  الديني بدءا من أسطورة خلق آدم وتجلياتها في الأديان مرورًا بإشكالية الخطيئة والخير والشر، وتجليات الرغبة في انفلاتها وفي كبتها بحيث تتفجر إلى أفعال عنف وتدمير وأذى نفسي وجسدي، مرورًا بكل التاريخ الروحي للإنسان.

يحاول الروائي بثرهان شاوي في روايته المسلسلة “المتاهات” إعادة تشكيل وقائع الحياة القاسية والفجة بشكل جمالي ، وإقتناص لحظات الإختلاف بين الحياة الواقعية وبين إعادة تشكيل روايتها أدبيًا . وقد اعتمد الكاتب في متاهاته التسع (متاهة آدم / متاهة حواء/ متاهة قابيل/ متاهة الأشباح/ متاهة إبليس / متاهة الأرواح المنسية / متاهة العدم العظيم)، كما نوه الباحثون فيها، على تقنية دمية الماتروشكا الروسية وكذلك الصندوق الصيني، حيث تتداخل الروايات ليس على طريقة ألف ليلة وليلة ، حيث تروي شهرزاد رواياتها المتداخلة والمختلفة وإنما تتداخل الروايات هنا لتعيد نفسها في زمان ومكان مختلف ، وبأسماء شخصيات جديدة ، لكنها تعيد دورة الأشياء البشرية وجوهر الأحداث نفسها.

لا تهاب “متاهات” بُرهان شاوي من اقتحام وتفكيك الثالوث المحرم:  الجنس/ الدين/ والعنف السياسي أو السلطة، من منطلقات تاريخية ومن خلال مناهج التحليل النفسي الفرويدي وما بعد الفرويدي، متكئة على رصيد معرفي هائل،  متناصة مع روائع الدب العالمي، وتاريخه الموسيقي والتشكيلي، والمثيولوجي، بسرد لا يخفي تماهيه مع جماليات السرد السينمائي، متجاوزة عراق السبعينات والثمانينات والتسعينات وفترة ما بعد الاحتلال 2003، لتكشف عن تاريخ العنف المنفلت والأعمى، متخذة مع حياة الناس الأفراد بُنية حكايتها الطويلة، متوغلة في أعماق النفس البشرية، كاشفة عن تجليات الرغبة العارية والجامحة، و هابطة إلى بئرها الغامض والمخيف والصادم لكل المنظومات الأخلاقية السائدة، لتكشف في هذه الروايات التسع عن قدر الإنسان المأساوي كفرد وعن تفاهة الوضع البشري كتاريخ.

ومن الناحية الجمالية والمعرفية فهي روايات تحتفي بالشك وتحنو على الإيمان العميق الذي لا بد أن يقود إلى شك جديد.

“المتاهات” سلسلة روائية تكشف عن عمق سوء الفهم بين البشر الذي يقود إلى الفاجعة في أغلب الأحيان، وهي لا تهاب الكشف عن الغرائز الجامحة ، وعن الحب المحاصر بالنوايا المريبة، ومن هنا فهي تنطوي على  كشوفات نفسية جريئة لأعماق الإنسان ورغباته الدفينة ومواجهة صريحة معها، حيث يتداخل المرئي واللامرئي، الواقعي والسحري، الجنسي والسياسي.

ربما من الناحية الأدبية يمكن التوقف عند هذه الرواية الملحمية التي تحمل سمات التجديد في السرد الروائي بأنها تضم 304 شخصية روائية، بينها 119 حواء  و 185 آدم، حيث تحمل كل الشخصيات النسوية اسم “حواء” أو “إيفا” إذا ما كانت أوربية أو مسيحية، و185تحمل كل الشخصيات الذكورية اسم “آدم”: ونادرًا اسم ” قابيل” أو “هابيل” وهذه تجربة جديدة في السرد الروائي.

” المتاهات” روايات عن الإنسان في متاهة النفس ومتاهة الوجود، روايات فلسفية، نفسية، تاريخية، تحتفي بالشك واللايقين لتأكيد متاهة الإنسان في هذا الوجود، ويمكن التوقف عند “حواء الكرخي” في ” متاهة إبليس” حين تبوح قائلة: “أنا حواء الكرخي ، أشك في كل شيء .طمأنينة اليقين تخيفني ، بينما قلق الشك يمنحني الطمأنينة . الشك هو الذي يقودني إلى الحقيقة ، لكن الحقيقة متاهة ..متاهة تفضي إلى شك جديد .. نعم الحقيقة هي متاهة صامتة “..

The post الحقيقة متاهة صامتة.. بُرهان شاوي في “المتاهات” appeared first on الرواية نت.

حرير لأليساندرو باريكو رواية موسيقية بملمس حريري

$
0
0

اللازمة لغة مشتقة من فعل لازم يلازم أي داوم على الشيء و ثبت عليه، أما اصطلاحا فهي مقطع تتمّ إعادته حتى يترسًخ في الذهن ويكون عادة في الصدارة.

عرفت اللازمة منذ القدم في الشعر فهي ثابتة تتكرر بعد عدد معين من الأبيات الشعرية داخل كل قصيدة فتضيف اليها مسحة فنية تزيد من غنائيتها ثم عرفت  في المجال الموسيقي حيث اعتبرت من الجماليات التي تعتمد عليها السيمفونيات الموسيقية.

وهكذا بنيت رواية حرير لأليساندرو باريكو على سلم شعري موسيقي انعكس بدوره على القاعدة النثرية للرواية، فبتكرار المقطع الذي يصف الرحلة التي يقوم بها هيرفيه جونكر تظهر اللازمة النثرية في اربع مقاطع مختلفة طوال القصة.

تقع أحداث الرواية في اواسط القرن التاسع عشر حيث يضطر جونكر إلى قطع آلاف الاميال منتقلا من قارة الى اخرى بحثا عن بضاعة مميزة بعض الشيء، انطلاقا من هذه المقاطع يحيلنا الكاتب الى ادب الرحلة فبخلاف الرحلات التي كان يقوم بها إلى إفريقيا بحثا عن دود القز والتي تعتبر مهنة غير اعتيادية لرجل اراد له والده ان يكون جنديا في الجيش الفرنسي الى البحث عن مصدر ثان بعد أن أصابه الوباء، ومن هنا تبدأ الرحلة الحقيقية.

وزًع الكاتب المقاطع التي تصف الرحلة بشكل ذكي فأتت على شكل مقاطع نثرية تتكرر أربع مرات تتغير بعدها الأحداث و الشخصيات، فتبرز بعد كل سفرة اماكن و شخصيات جديدة.

الرحلة الأولى، لقاء: بعد ان اصابت العدوى الدود الذي يتم جلبه من إفريقيا وجد بالدابيو صاحب أهم مصانع صنع الحري رفي لافيل ديو أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ القطاع هو السفر الى أقصى العالم لجلب الدود من جزيرة لم يطأها إنجليزي بعد، جزيرة في الطرف الثاني من العالم اي اليابان. سافر جونكر و هناك التقى بسيد القرية ، رجل يجلس على الارض ويرتدي ثوبا قاتم اللون تجاوره فتاة شابة بلامح غير آسياوية.

كللت سفرته بالنجاح وعاد إلى لافيل ديو في الأحد الاول من شهر أبريل أين وجد زوجته هيلين في انتظاره.

الرحلة الثانية، المنعطف: مثلت الرحلة التي قام بها جونكر منعطفا كبيرا في حياته فمنذ أن وقعت عيناه على الفتاة التي كانت ترافق التاجر الياباني انقلبت أحداث القصة فأصبح الذهاب لجلب الدود حجة يعتمدها البطل للعودة من جديد للقاء خليلة المزود. انطلاقا من قصة الحب التي نمت تحت وطأة الصمت اندفع جونكر من جديد إلى الذهاب الى اليابان.

الرحلة الثالثة، الصمت: انعكست بيئة المكان على العلاقة  بين البطل و الفتاة اليابانية، رغم أن ملامحها لا تدل على أنها من اليابان، فالمناخ هناك يتميز بالهدوء و الصمت، ليس بالصمت العبثي بل هو يعكس ثقافة شعب نرى هذا بوضوح في طقوس إعداد وشرب الشاي التي حضرها الضيف. تطورت العلاقة بين جونكر والفتاة دون أن ينبس أحدهما بحرف واحد فكانت لغة العيون هي السبيل الوحيد للحديث وكأنهما قد تبادلا مئات الكلمات، تواصل صامت  يجرف معه أحاسيس جونكر نحو المجهول.

الرحلة الرابعة، الخديعة: تواصل الصمت الذي غرق فيه البطل حتى بعد ان عاد من رحلته وكأنما نسي الحديث هناك فأصبح قليل الكلام مع زوجته التي بدورها لبست نفس القناع، اعتمادا على حاستها السادسة التي جعلتها تفهم التغيير الذي طرأ على زوجها  كتبت هيلين رسالة و حولتها إلى اليابانية ثم دستها في ثيابه، قالت الزوجة في رسالتها ما لم تستطع البوح به يوما لزوجها، تسترت خلف قناع العشيقة حتى تتمكن من الكشف عن رغباتها.

تميزت حركة السرد عند باريكو بالبساطة والابتعاد عن التبذير اللغوي فاعتمد على الاختزال في السرد والاقتصاد في اللغة فأتت رشيقة شفافة مثل قطعة حرير تتراقص في يد فتاة يابانية. هذا التقشف اللغوي عكس وفرة في مشاعر الحب والعشق والحنان والحزن فطغى الطابع الشعري والموسيقي عليه فكأنه سيمفونية كتبت على نوتات سحرية زادت من جمال النص السردي وسلاسته فأضافت الى بنيته التقليدية جمالية خاصة جعلته ينطق دهشة على امتداد 140 صفحة فقط.

الرواية نت

The post حرير لأليساندرو باريكو رواية موسيقية بملمس حريري appeared first on الرواية نت.

“ناقة صالحة”للكويتي سعود السنعوسي

$
0
0

“ناقة صالحة” هي خامس أعمال الروائي الكويتي سعود السنعوسي، صدرت في أغسطس 2019 عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت. تتخذ الرواية من بادية الكويت مكانًا جغرافيًا في مطلع القرن العشرين، قبل قيام الدولة، تزامنًا مع معركة الصريف.

القصة:

ترفض القبيلة زواج “صالحة بنت أبوها” بابن خالها دخيل بن أسمر، وتُجبرها على الزواج من ابن عمها صالح ابن شيخ قبيلة آل مهروس. يرد خبرٌ لصالحة أن ابن خالها قد غادر الصحراء إلى إمارة الكويت بعد الحيلولة بينه وبين زواجه منها، ليقيم في الإمارة التي تناصب قبيلته العداء متنكرًا باسمٍ جديد، عازمًا على بدء حياة جديدة في الحاضرة الساحلية، يعمل في رعي الأغنام.

في ربيع 1901 يترك صالح آل مهروس زوجته وابنة عمه صالحة في الصحراء بصحبة ولدها الرضيع وناقتها “وضحى” ليلتحق بصفوف الهجانة ضمن رجال الكويت في غارتهم على إمارة حائل، ويمتطي جمله “ساري” إلى منطقة الصريف حيث النزاع والمعركة التي تتخاصم فيها قبيلة ابن العم وابن الخال.

تتوارد أخبار الهزيمة لصالحة آل مهروس، وأن زوجها مصاب يحتضر في إمارة الكويت شرقًا، حيث يقيم ابن خالها، وتعتزم الصبية أن تتبع الشمس، وجهة الكويت، للارتحال إلى الإمارة وهي تمني نفسها بلقاء من تحب ولقاء مماثل لناقتها “وضحى” بجمل زوجها “ساري”.

تطول رحلة الفتاة مع رضيعها، في الصحراء على ظهر الناقة، في ربيع ماطر تحجبُ غيومه الشمس كيلا تصل صالحة وجهتها في الشرق. وبين نذير الشمس وبشارة المطر، تواصل الفتاة المضي نحو تحقيق حلمها.

The post “ناقة صالحة” للكويتي سعود السنعوسي appeared first on الرواية نت.

Viewing all 1074 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>